مؤكداً على أهمية الاستشارة وفوائدها الجمّة في الحياة
الشيخ اليوسف: الاستشارة تفتح للإنسان آفاقاً جديدة وتقلل نسبة الخطأ
سماحة الشيخ عبدالله اليوسف أثناء إلقاء الخطبة (أرشيف)
سماحة الشيخ عبدالله اليوسف أثناء إلقاء الخطبة (أرشيف)

أكد سماحة الشيخ الدكتور عبدالله أحمد اليوسف في خطبة الجمعة 29 جمادى الأول 1439هـ الموافق 16 فبراير 2018م على أهمية المشورة والاستشارة في كل أمور الحياة، لما لها من فوائد جمة في حياة ومسيرة الإنسان، وفي بناء التقدم والتطور المدني والحضاري في حياة المجتمعات الإنسانية.

وأضاف سماحته قائلاً: إن أخذ المشورة من أهل الاختصاص يعني إشراك عقول الآخرين، والاستفادة من تجاربهم وآرائهم وأفكارهم ووجهات نظرهم المختلفة.

وأشار سماحته إلى كثرة النصوص الدينية التي تحث على أخذ المشورة والاستشارة، كقوله تعالى: ﴿وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وقوله تعالى: ﴿وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ.

وروي عن رسول الله قوله: «ما مِن رَجُلٍ يُشاوِرُ أحَداً إلّاهُدِيَ إلَى الرُّشدِ ». وقال أمير المؤمنين : «لا ظَهِيرَ كالمُشاوَرَةِ». وقوله : «لا يَستَغنِي العاقِلُ عَنِ المُشاوَرَةِ». وقال الإمام الحسن : « ما تَشاوَرَ قَومٌ إلّاهُدُوا إلى رُشدِهِم».

وأكد سماحته على أنه بالإضافة إلى النصوص النقلية فإن العقل يدعو أيضاً إلى أهمية الاستشارة في الحياة، لأن المشاورة تفتح أمام الإنسان آفاقاً جديدة، وتعطيه تصوراً كاملاً عن الموضوع محلّ البحث، مما يعطيه القدرة على اختيار أفضل الطرق والبدائل، وتلافي الأخطاء التي يمكن أن يقع فيها فيما لو سار وفق رأيه فقط، دون الالتفات إلى آراء الآخرين ومرئياتهم.

وعرّف سماحة الشيخ اليوسف الاستشارة بأنها: أخذ آراء الآخرين في موضوع معين، وضرب الآراء بعضها بالبعض الآخر، حتى يتولد منها الرأي السديد والقويم، وهي بهذا المعنى أكثر من ضرورية وهامة.

وأوضح سماحته أن الاستشارة أصبحت في عصرنا الراهن تحظى بأهمية كبرى، نتيجة لتطور الحياة، وتشعب الاختصاصات، وتعدد الوسائل والأساليب، مما أعطى للاستشارة أهمية فائقة، فما من رئيس أو زعيم أو وزير إلا ولديه مجموعة من المستشارين المتخصصين، يقدمون له المشورة في شتى الأمور.

وتابع سماحته: كل المؤسسات والشركات الكبرى في العالم أنشأت لها قسماً خاصاً يعنى بتقديم الاستشارات في مجال عمل الشركة أو المؤسسة، ويشغل هذا القسم مجموعة من المستشارين الأكفاء.. وهذا يدل بجلاء على أهمية الاستشارة في عالم اليوم.

وقال سماحته: ليس كل الناس جديرين بالاستشارة، ولذلك من الضروري اختيار المستشارين بعناية فائقة، كاستشارة أهل الحكمة، فالإنسان الحكيم هو الذي عركته تجارب الحياة فصنعت منه شخصية حكيمة، يقول الإمام علي : «أفضَلُ مَن شاوَرتَ ذو التَّجارِبِ». وكذلك أهل العقل والرأي الحصيف، ولذلك قال الإمام علي : «مَن شاوَرَ ذَوي الألبابِ، دُلَّ عَلَى الصَّوابِ»، وقوله : «شاوِرْ ذَوي العُقولِ، تَأمَنِ الزَّلَلَ والنَّدَمَ». فالعاقل لن يدلك إلا على الصواب والخير، وكما في المثل الإنجليزي: «إذا شاورت العاقل صار عقله لك» فمشاورتك للعاقل يعني استثمارك لعقله وهو استثمار لا يقدر بثمن.

واستطرد قائلاً: وممن ينبغي استشارتهم العلماء الصالحون والمتنورون، فقد روي عن رسول الله قوله: «شاوروا العلماء الصالحين، فإذا عزمتم على إمضاء ذلك فتوكلوا على الله».

وتابع سماحته بالقول: كل من فيه صفة راجحة كالتجربة والفهم والبصيرة.. إلخ من الصفات الخيرة، مؤهل لأن يكون مستشاراً في مجال تخصصه وفهمه.

وأشار سماحته الشيخ اليوسف إلى تحذير النصوص الدينية من مشاورة بعض الأصناف من الناس كالأحمق، والجاهل، والجبان، والبخيل، وكل من فيه صفة سيئة كضعف التجربة، وقلة العقل، والجهل، والأنانية... إلخ من الصفات السيئة الدالّة على فقدانه للشروط الواجب توافرها في المستشار.

وذكر سماحته في آخر الخطبة فوائد المشورة والاستشارة: كتقليل نسبة الخطأ، والاستفادة من تجارب الآخرين وآرائهم، واحترام الناس، وفتح آفاق جديدة للموضوع محل الاستشارة، ومشاركة أهل الرأي والعقل والعلم في عقولهم.

اضف هذا الموضوع الى: