سماحة الشيخ عبدالله اليوسف يلقي خطبته للمصلين (أرشيف)
|
أكد سماحة الشيخ الدكتور عبدالله أحمد اليوسف في خطبة الجمعة 13 جمادى الآخر 1439هـ الموافق 2 مارس 2018م على ضرورة الاهتمام بمعايير اختيار شريك الحياة سواء فيما يرتبط بصفات الزوجة أم الزوج، حتى يحقق الزواج أهدافه النبيلة ومقاصده الكبرى، إذ أن أول خطوة بعد التفكير في الزواج تأتي مسألة اختيار شريك الحياة من حيث الصفات والخصائص والسمات المطلوبة في شريك الحياة.
وأضاف سماحته قائلاً: إن الاختيار الصائب لشريك الحياة يؤدي إلى نجاح الزواج، بينما الاختيار غير الصحيح مصيره الفشل والانفصال، أو لا أقل وجود المشاكل والخلافات والنكد في الحياة الزوجية.
وتابع بالقول: إذا أراد الرجل الزواج بامرأة فعليه أولاً أن يبحث عن سلامة دينها وحسن أخلاقها وعن حسبها ونسبها؛ ومع إحراز ذلك ينبغي التزوج بالمرأة الجميلة والولودة والودودة والضحوكة حتى يستغني بها عن غيرها كما في الروايات.
واستطرد قائلاً: كما ينبغي للفتاة أيضاً ألا توافق على الزواج إلا بالشاب المتدين والخلوق والعفيف والأمين!
وأكد سماحته على أهمية أن تكون المرأة (الزوجة) مؤمنة ومتدينة وملتزمة بأحكام الدين، فقد قال الإمامُ الباقرُ : أتى رَجُلٌ رسولَاللَّهِ صلى الله عليه وآله يَستَأمِرُهُ في النِّكاحِ، فقالَ: «نَعَم انْكِحْ، وعلَيكَ بذَواتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَداكَ».
وأشار سماحته إلى أن من الشرائط المهمة التي يجب التركيز عليها في اختيار الزوجة بعد إحراز تدينها أن تتصف بحسن الأخلاق، فالزوجة ذات الأخلاق الرفيعة تجعل من البيت الزوجي سعيداً، ويعيش فيه أفراده في سعادة وراحة نفسية، ولذلك ورد عن رسول الله قوله: «مِن سَعادَةِ المَرءِ الزوجَةُ الصالِحَةُ» . وقال الإمامُ الباقرُ : «ما أفادَ عَبدٌ فائدَةً خَيراً مِن زَوجَةٍ صالِحَةٍ: إذا رَآها سَرَّتْهُ، وإذا غابَ عَنها حَفِظَتْهُ في نَفسِها ومالِه»ِ.
ثم تحدث سماحة الشيخ اليوسف في مسألة اختيار الزوجة على ضرورة البحث عن المرأة ذات الحسب والنسب، بأن تكون كريمة الأصل، وذلك لتأثير الوراثة في الأولاد، فقد روي أن أمير المؤمنين قال لأخيه عقيل - وكان نسابة عالماً بأنساب العرب وأخبارهم -: «انظر إلى امرأة قد ولدتها الفحولة من العرب لأتزوجها فتلد لي غلاماً فارساً. فقال له: تزوج أم البنين الكلابية فإنه ليس في العرب أشجع من آبائها؛ فتزوجها» ، فولدت له العباس الذي عرف بالشجاعة والبسالة والفروسية.
وروي عن رسول الله أنه قال: «تَزَوَّجُوا في الحِجْزِ الصالِحِ، فإنّ العِرْقَ دَسّاسٌ». وقوله : «اختاروا لنطفكم فإن الخال أحد الضجيعين».
وفي المقابل ورد النهي عن اختيار المرأة الحسناء والجميلة ولكنها ليست بكريمة الأصل، فقد روي عن الإمام الصّادق عن آبائهِ : أنّ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وآله قالَ لِلنّاسِ: «إيّاكُم وخَضْراءَ الدِّمَنِ».
قيلَ: يا رسولَ اللَّهِ، وما خَضراءُ الدِّمَنِ؟
قالَ: «المَرأةُ الحَسناءُ في مَنبِتِ السُّوءِ».
وأشار سماحته إلى أن من الصفات التي يبحث عنها الرجل في المرأة عادة أن تكون جميلة، تسره إذا نظر إليها، ويحن إليها إذا غاب عنها.
ولفت سماحته إلى أن الحث على اختيار المرأة المتدينة لا يتنافى مع كونها جميلة بعد التأكد من سلامة دينها وأخلاقها وحسبها ونسبها. أما الروايات التي تنهى عن اختيار المرأة لجمالها ومالها فالمقصود منه اعتبار ذلك هو المقياس والمعيار والأساس في اختيار الزوجة دون النظر إلى تدينها وأخلاقها، أما مع إحراز ذلك فلا ما نع من البحث عن المرأة الجميلة والحسناء.
وذكر سماحته أن من الصفات التي يجب اختيارها في الزوجة أيضاً أن تكون وليدة، والمراد بها ما من شأنها ذلك بأن لا تكون صغيرة ولا آيسة ولا في مزاجها ما يدل على عقمها كعدم الحيض -مثلاً-. فقد روي عن رسول الله أنه قال: «خير النساء الولود الودود».
ثم تطرق سماحة الشيخ اليوسف إلى ما يجب توافره في الزوج أيضاً من شروط ومواصفات، إذ ينبغي للفتاة قبل الموافقة على الزواج من الشاب المتقدم لخطبتها مراعاة ومعرفة تلك الشروط والصفات التي يجب أن تتوافر في شخصيته حتى يكون أهلاً للزواج، وحتى ينجح الزوجان في تحقيق البيت السعيد، ومن أهمها: أن يكون الشاب متديناً، وأن يكون خلوقاً، وأن يكون أميناً، فقد روي عن رسول الله أنه قال: «إذا جاءَكُم مَن تَرضَونَ دِينَهُ وأمانَتَهُ يَخطُبُ (إلَيكُم) فَزَوِّجُوهُ، إن لا تَفعَلُوهُ تَكُن فِتنَةٌ في الأرضِ وفَسادٌ كبيرٌ» . فبعد إحراز تدين الشاب تأتي أمانته كشرط للتأهل للزواج. وقال الإمامُ الرِّضا : «إن خَطَبَ إلَيكَ رَجُلٌ رَضِيتَ دِينَهُ وخُلُقَهُ فَزَوِّجْهُ، ولا يَمنَعْكَ فَقرُهُ وفاقَتُهُ». فتحلي الشاب بصفتي التدين والأخلاق تؤهله للزواج والموافقة عليه، ولا ينبغي أن يكون الفقر والحاجة مانعاً من قبوله كزوج للفتاة إذا ما توافرت فيه الشروط الأخرى ، لأن النكاح يزيد في الرزق كما في الأخبار.
واعتبر سماحته أن من أهم الشروط التي يجب مراعاتها في الموافقة على تزويج الشاب بالفتاة معرفة أخلاقه، فإن كانت حسنة فهو أهل للزواج وإلا فلا؛ لأن الأخلاق الذميمة والسيئة تحول البيت العائلي إلى جحيم لا يطاق.
وقال سماحته: إذا كان حسن الأخلاق من عناصر نجاح الزواج واستمراره، فإن سوء الخلق من أسباب فشله، ولذلك ورد النهي عن تزويج الشاب سيء الخلق، فقد جاء عن الحسينِ بنِ بَشّارٍ قال: كَتَبتُ إلى أبي الحسنِ : إنّ لي ذا قَرابَةٍ قد خَطَبَ إلَيَّ وفي خُلُقِهِ سُوءٌ! فقالَ: «لا تُزَوِّجْهُ إن كانَ سَيِّئَ الخُلُقِ».
وختم سماحته خطبته بالتأكيد على أهمية الاختيار في الاقتران بشريك الحياة، وقد ورد النهي عن تزويج الفاسق، لأن الشاب الفاسق لا يؤتمن به ولا عليه، وهو ليس أهلاً للزواج بالمرأة المؤمنة والصالحة، ولذلك ورد النهي عن تزويج الفاسق، والحث على تزويج المؤمن والتقي والمتدين، فقد روى الطّبرسيّ: إنّه جاء رجل إلى الإمام الحسن ( ) يَستَشِيرُهُ في تَزويجِ ابنَتِهِ؟ فقال: «زَوِّجْها مِن رَجُلٍ تَقِيٍّ، فإنّهُ إن أحَبَّها أكرَمَها وإن أبغَضَها لَم يَظلِمْها».
وشدد سماحته على أن هذا يؤكد على أهمية اختيار الزوج الصالح والمؤمن والمتقي الذي يخاف الله تعالى، فإنه إن أحبها أكرمها وإن أبغضها لم يظلمها، أما الاختيار القائم على المال والشهرة والجمال فقط وإن كان الرجل فاسقاً أو فاجراً فهذا فيه تضييع للمرأة وظلم لها، فقد روي عن رسول الله أنه قال: «من زوج كريمته من فاسق فقد قطع رحمه»، وروي عنه قوله: من زوج كريمته من فاسق نزل عليه كل يوم ألف لعنة».