لصلاة الجماعة فوائد كثيرة سواء على الصعيد الشخصي أم على الصعيد الاجتماعي، فهي رمز للوحدة الاجتماعية، والتماسك الأخوي بين المؤمنين، وتنمية التواصل بين الناس.
وقد حثّ القرآن الكريم على صلاة الجماعة في قوله تعالى: ﴿وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ﴾[1] حيث تدعو هذه الآية الشريفة لصلاة الجماعة ﴿وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ ﴾ أي صلوا مع المصلين في المسجد جماعة.
وقد أشار الإمام الحسن المجتبى إلى فوائد صلاة الجماعة بقوله: «من أدام الاختلاف إلى المسجد أصاب إحدى ثمان: آية محكمة، وأخاً مستفاداً، وعلماً مستطرفاً، ورحمة منتظرة، وكلمة تدلّه على الهدى أو تردّه عن ردىّ، وترك الذّنوب حياءً أو خشيةً»[2] .
وفي هذا الحديث بيان لفوائد الذهاب إلى المسجد، وحضور صلاة الجماعة فيه، ومن الفوائد التي أشار إليها الإمام الحسن : معرفة الأحكام الشرعية، اكتساب علم ومعرفة، الاستزادة من الأصدقاء والمعارف، التواصل مع الناس، نزول الرحمة، استماع موعظة أو حكمة أو كلمة مفيدة، وترك الذنوب والمعاصي وغيرها من الفوائد الجمّة والثمار اليانعة.
وبعد هذا الإجمال عن فوائد صلاة الجماعة نفصل الحديث حول بعضها في النقاط التالية:
1- الحصول على الثواب والأجر الجزيل:
ورد في فضل صلاة الجماعة الكثير من الأخبار والروايات الحاثة على الحضور فيها، وحصول المشارك في صلاة الجماعة على الثواب والأجر الجزيل، فقد ورد عن الرسول الأعظم قوله: «صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفرد بخمس وعشرين درجة»[4] . وعنه قال: «إن الله يستحيي من عبده إذا صلى في جماعة ثم سأله حاجته أن ينصرف حتى يقضيها»[5] . وقال الإمامُ الصّادقُ : «الصَّلاةُ في جَماعَةٍ تَفضُلُ على كُلِّ صلاةِ الفَردِ بأربَعةٍ وعِشرينَ دَرَجةً؛ تكونُ خَمسَةً وعِشرينَ صلاةً»[3] ، وقال لقمانُ - لابنِهِ وهُو يَعِظُهُ-: «صَلِّ في جَماعَةٍ ولو عَلَى رَأسِ زُجٍّ!»[6] .
ومن جهة أخرى نهت النصوص الدينية عن ترك صلاة الجماعة من غير علة، فقد روي عن الإمام الباقر أنه قال: «من ترك الجماعة رغبة عنها وعن جماعة المسلمين من غير علة فلا صلاة له»[7] ، وقال الإمام الصادق : «مَن لَم يُصَلِّ في جَماعَةٍ فلا صلاةَ لَهُ بينَ المُسلمينَ؛ لأنَّ رسولَ اللَّهِ قالَ: لا صَلاةَ لِمَن لَم يُصَلِّ في المَسجِدِ مَع المُسلمينَ إلّامِن عِلَّةٍ»[8] .
وصلاة الجماعة من المستحبات المؤكدة، وكلما زاد عدد المصلين كان الأجر والثواب أكثر وأزيد، وقال الشهيد الثاني الشيخ زين الدين في ( شرح اللمعة ):
«الجماعة مستحبة في الفريضة، متأكدة في اليومية حتى أن الصلاة الواحدة منها تعدل خمساً أو سبعاً وعشرين صلاة مع غير العالم، ومعه ألفاً، ولو وقعت في مسجد تضاعف بمضروب عدده في عددها، ففي الجامع مع غير العالم ألفان وسبعمائة ومعه مائة ألف»[9] .
2- تقوية الالتزام بالدين:
صلاة الجماعة مظهر من مظاهر التماسك الاجتماعي، ومؤشر على وجود الروح الجماعية عند أفراد المجتمع، وهذا ما يؤدي بدوره إلى تعاظم الحالة الدينية، وتقوية الالتزام الديني بين الناس، وهو ما يخلق بيئة اجتماعية صالحة ومؤثرة على المحيط الاجتماعي، وكلما زادت مساحة البيئة الاجتماعية الصالحة ساهم ذلك في تنمية الالتزام بقيم وتعاليم الدين وأخلاقه.
3- تنمية الجانب الروحي:
لصلاة الجماعة أثر فاعل في تنمية الجانب الروحي عند الإنسان، فالتفاعل الجماعي مع الصلاة، وتلاوة القرآن الكريم في المسجد، وقراءة الأدعية المأثورة، والتعود على ارتياد المساجد ... كل ذلك يُسهم في إنماء البعد الروحي عند الإنسان.
4- الاستزادة من المعارف الدينية:
المسجد مكان لتلقي المعارف والأفكار والعلوم الإسلامية، فعادة ما يلقي إمام الجماعة إما يومياً أو في بعض أيام الأسبوع، وخصوصاً يوم الجمعة محاضرة دينية تحتوي على التوجيه والإرشاد، وبيان أحكام الدين ومفاهيمه، وهو الأمر الذي ينعكس على ثقافة المصلين ووعيهم بمفاهيم الدين وأحكامه.
5- تعميق العلاقات وكسب أصدقاء:
تعميق العلاقات بين الأفراد، وكسب أصدقاء جدد فائدة أخرى من فوائد صلاة الجماعة، فالإنسان الذي يداوم على حضور صلاة الجماعة يقوي علاقته الشخصية بإمام الجماعة وببقية المأمومين، كما يساعد ذلك على كسب صداقات جديدة، إذ من الطبيعي أن تتكرس علاقات شخصية متينة بين أشخاص يرون بعضهم بعضاً يومياً في المسجد أكثر من مرة.
6- التعود على احترام الوقت:
تساعد صلاة الجماعة على تعود الإنسان على احترام الوقت، ذلك أن للصلاة أوقاتاً محددة، فالإنسان الذي يحرص يومياً على حضور صلاة الجماعة في المسجد عليه أن يراعي الأوقات، ويحضر في بداية وقت الصلاة حتى لا تفوته الجماعة، وهو الأمر الذي ينعكس إيجاباً على شخصية الإنسان، ويكون ذلك بمثابة برنامج عملي للتدرب والتعود على احترام الوقت وتنظيمه.
وأخيراً فإنه من التوفيق للإنسان المؤمن حضور صلاة الجماعة والمواظبة عليها وخصوصاً في يوم الجمعة فلا تحرم نفسك منها، ومن بركاتها وآثارها وثوابها وفضلها وخيرها، وإياك والتغيب عن حضورها تحت أي عذر وهمي أو وسوسة شيطان أو تثبيط مثبط عنها!
[1] سورة البقرة: الآية 43.
[2] تحف العقول: ابن شعبة الحراني، ص 167. بحار الأنوار: ج 75، ص 108، ح 14.
([3) الخصال: الشيخ الصدوق، ص 521، ح 10.
[4] وسائل الشيعة: الحر العاملي، ج 8، ص 289، ح 10689.
[5] تهذيب الأحكام: ج3، ص 25، ح 85.
[6] المحاسن: ج 2، ص 126، ح 1348.
[7] وسائل الشيعة: الحر العاملي، ج 7، ص 299، ح 9394.
[8] وسائل الشيعة: الحر العاملي، ج 8، ص 293، ح 10701.
[9] وسائل الشيعة: الحر العاملي، ج 8، ص 289، ح 10690.