سماحة الشيخ عبدالله اليوسف (1440هـ - 2018م)
|
أكّد سماحة الشيخ الدكتور عبدالله أحمد اليوسف في خطبة الجمعة 18 محرم 1440هـ الموافق 28 سبتمبر 2018م على أهمية أن يتحمل الإنسان المسؤوليات والواجبات الملقاة على عاتقه، إذ أن تحمل المسؤولية يعبر عن إنسانية الإنسان، فلا يمكن أن تتحقق إنسانيته كاملة من دون القيام بواجباته ومسؤولياته الخاصة والعامة.
وأضاف: إن المسؤولية التزام وأمانة ووعي ورقي، وليست محلاً للاستعلاء والتكبر على الآخرين، بل هي تكليف وعمل ينبغي على الإنسان القيام بما كلف به ضمن مسؤولياته الدينية والعائلية والاجتماعية والوظيفية وغيرها.
وأوضح أن من أهم الدروس المستفادة من سيرة الإمام الحسين وواقعة عاشوراء هو درس تحمل المسؤولية الدينية والاجتماعية، إذ أن قراءة هذه السيرة بتمعن وتأمل يجب أن يدفعنا جميعاً لتحمل المسؤولية، والقيام بما يجب علينا القيام به من واجبات ووظائف دينية وأخلاقية واجتماعية.
وبيّن أن أول مسؤولية تقع على الإنسان هي: مسؤوليته تجاه نفسه، فهو مسؤول ومحاسب تجاه الواجبات التي عليه، فقد روي عن الإمام الصادق أنه قال: «إنَّ أوَّلَ ما يُسألُ عنهُ العَبدُ إذا وَقفَ بينَ يَديِ اللَّهِ جلّ جلالُهُ الصَّلَواتُ المَفْروضاتُ، وعنِ الزَّكاةِ المَفْروضَةِ، وعنِ الصِّيامِ المَفروضِ، وعنِ الحَجِّ المَفْروضِ، وعَن وَلايَتِنا أهلَ البيتِ».
وتابع: ثم إن الإنسان مسؤول عن جوارحه، يقول تعالى: ﴿وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً﴾، وقد ورد عن الإمام الصادق في تفسيره لهذه الآية أنه قال: «يُسألُ السَّمعُ عَمّا يَسمَعُ، والبَصرُ عمّا يَطرِفُ، والفُؤادُ عَمّا عَقَدَ علَيهِ».
وأضاف: أن من صور مسؤولية الإنسان تجاه نفسه أيضاً تنميتها بالعلم والمعرفة، وبكل ما يثري العقل، ويصقل الروح، ويقوي الجسم.
ثم تحدث سماحة الشيخ اليوسف عن مجال آخر من مجالات المسؤولية وهي: مسؤولية الإنسان تجاه مجتمعه، إذ يتحمل كل فرد المسؤولية تجاه قضايا مجتمعه بقدر استطاعته، وعليه أن يتحسس آلام ومشاكل المجتمع، ويعمل ما في إمكانه لخدمة قضايا مجتمعه، ويسعي نحو تطويره وازدهاره وتقدمه.
ودعا إلى المشاركة في الأعمال الخيرية والتطوعية والالتحاق بمؤسسات الخدمة الاجتماعية كالجمعيات الخيرية، والنوادي الرياضية، والمساهمة في اللجان الدينية والثقافية والعلمية، وغيرها من المؤسسات واللجان التي تساهم في خدمة المجتمع، وعدم العزوف عن تحمل المسؤولية.
وأشار إلى أن من صور المسؤولية الاجتماعية أيضاً: أن ينفع كل واحد منا المجتمع بما وهبه الله تعالى من طاقات وقدرات، ومن علم ومعرفة، وألا يبخل بعلمه وفكره ومواهبه على المجتمع، فزكاة العلم نشره، يقول الإمام الصادق : «إنَّ لِكُلِّ شَيءٍ زَكاةً، وزَكاةُ العِلمِ أن يُعَلِّمَهُ أهلَهُ»، فكل صاحب علم ومعرفة مسؤول عن نشر علمه للمجتمع، وإفادة الناس بما تعلمه من علوم ومعارف نافعة.
وانتقد إلقاء بعض الناس اللوم في كل شيء على العلماء والمشايخ؛ وكأن بيدهم حل كل مشكلة، ومعالجة كل قضية، وقال إن هذه شمّاعة تستخدم للهروب من تحملهم للمسؤولية، وإلا فإن مسؤولية العلماء بالدرجة الأولى هي: التوجيه والإرشاد، ونشر العلم والمعرفة، وخدمة قضايا الدين، والمجتمع أيضاً ولكن في مجال إمكاناتهم وقدراتهم، وبما هو متاح لهم.
وأضاف: ربّ إنسان ليس من صنف العلماء والمشائخ أقدر منهم على حل مشكلة أو المساهمة في إصلاح قضية من قضايا المجتمع، فالكل مسؤول بقدر استطاعته وبما أنعم الله عليه من نعم ومواهب وقدرات.