سماحة الشيخ عبدالله أحمد اليوسف أثناء إلقاء الخطبة
|
أكد سماحة الشيخ الدكتور عبدالله أحمد اليوسف في خطبة الجمعة 2 صفر 1440 هـ الموافق 12 أكتوبر 2018م على أن من الآداب الإسلامية المهمة احترام الحياة الخاصة للآخرين، وعدم التدخل في خصوصياتهم وشؤونهم الخاصة، وترك ما لا يعني المرء من أمورهم الشخصية التي لا يرغبون في الإفصاح عنها.
وأضاف: إن العاقل هو من ينشغل بما يعنيه في حياته ويفيده في مستقبل أيامه، أما السفيه فهو من ينشغل بما لا يعنيه ويدع ما يعنيه.
وقال: إن الإسلام يعتبر ترك ما لا يعني الإنسان من خصوصيات الآخرين من حسن إسلام المرء، فقد روي عن رسول الله أنه قال: «مِن حُسنِ إسلامِ المَرءِ تَركُهُ ما لا يَعنيهِ»، وهو زينة الورع، فقد ورد عن رسول الله أنه قال: «تَركُ ما لا يَعني زِينَةُ الوَرَعِ»، فعلى الإنسان أن يتزين بهذا الأدب، ويترك ما لايعنيه ولا يخصه من أمور الآخرين الخاصة.
وتابع: إذا كان الانشغال بما يعني الإنسان نفسه وترك ما لا يعنيه، وعدم التدخل في شؤون الآخرين الخاصة يدل على حسن إسلام المرء، فإن من يدس أنفه في كل شاردة وواردة، وفي كل صغيرة وكبيرة يسيء في إسلامه، وينتقص ذلك من تدينه وأخلاقه وآدابه.
وأكّد على أنه إذا كان من الطبيعي أن يهتم المرء بشؤونه الخاصة والعامة، فإن من غير الطبيعي أن يترك شؤونه الخاصة ويتدخل في خصوصيات الآخرين وأسرارهم الشخصية، فلكل إنسان خصوصياته وأسراره الشخصية التي لا يرغب في إطلاع الآخرين عليها؛ ولا يحق لأحد اقتحامها من غير إذنه وإرادته.
وتابع: فكما لا يجوز لأحد أن يقتحم دار غيره إلا بإذنه، كذلك لا يجوز لأحد أن يقتحم على الآخرين حياتهم الخاصة وشؤونهم وقضاياهم الشخصية من غير رغبتهم؛ لأن ذلك يعتبر ملكاً شخصياً لهم.
ولفت إلى أنه إذا كان من الآداب احترام خصوصيات الآخرين وأسرارهم الشخصية، فإن من قلة الأدب التلصص والتطفل من أجل الاطلاع على الحياة الخاصة للآخرين، أو محاولة معرفتها من دون إذن صاحبها.
واعتبر أن من أسوأ الأخلاق هو التحدث عن خصوصيات الآخرين وأسرارهم الشخصية ونشرها أمام الآخرين بهدف الإساءة إليهم وإيذائهم، وقد يؤدي ذلك إلى إيجاد مشاكل عائلية أو اجتماعية أو أخلاقية، وهو نوع من أنواع التعدي والعدوان على الآخرين، وهو أمر محرم شرعاً.
وأشار سماحة الشيخ اليوسف إلى أن المجتمعات الإنسانية تتفاوت في وجود النزعة الفضولية عندها، ففي حين تكاد تختفي في المجتمعات المتقدمة والراقية حيث لا يُسأل المرء عن خصوصياته وحياته الخاصة، ولا يسعى أحد للتلصص والتطفل عليه، نجد أنه في بعض المجتمعات تكثر عندهم النزعة الفضولية، فيتدخلون في كل صغيرة وكبيرة، ويبحثون عن خصوصيات الآخرين وأسرارهم الخاصة، ويسألون المرء عن كل شيء، وهذا أمر خاطئ.
ودعا إلى التخلص من عادة الفضول والتطفل على شؤون الآخرين الخاصة، والسعي للتغلب على هذه العادة السيئة، يقول أمير المؤمنين : «بِئسَ العادَةُ الفُضولُ»، فهي عادة سيئة كسائر العادات السيئة والضارة التي يجب التخلص منها.
وقال: يمكن التخلص من عادة الفضول والتطفل بزيادة الاهتمام بالذات والانشغال بما يعني الإنسان ويهمه، فقد روي عن الإمام علي قوله: «فاطلُبْ ما يَعنيكَ واترُكْ ما لا يَعنيكَ؛ فإنّ في تَركِ ما لا يَعنيكَ دَركَ ما يَعنيكَ» ، وإلا فإن: «مَنِ اشتَغَلَ بما لا يَعنيهِ فاتَهُ ما يَعنيهِ»، كما ورد عن الإمام علي أيضاً.
وأضاف: الاهتمام بالعلم والمعرفة أيضاً يشغل الإنسان عن الفضول، يقول الإمام الصادق : «العالِمُ لا يَتَكلَّمُ بالفُضولِ»، لأنه رجل علم ومعرفة، وكلما زاد علم الإنسان ارتقى في اهتماماته، وكبرت أهدافه، وتوسعت رؤيته وآفاقه.
ورأى أن ملء الفراغ يساعد الإنسان على التخلص من عادة الفضول، حيث أن المشغول لا وقت عنده للحديث عن زيد أو عمرو، بخلاف الإنسان الفارغ.
وبيّن أن تدريب النفس وترويضها على عدم التدخل في خصوصيات الآخرين من أهم الزسائل للتخلص من عادة الفضول والتطفل السيئة.