الشيخ عبدالله اليوسف أثناء إلقاء الخطبة (أرشيف)
|
تحدث فضيلة الشيخ الدكتور عبدالله أحمد اليوسف في خطبة الجمعة 3 ذو القعدة 1443هـ الموافق 3 يونيو 2022م عن الآثار الوخيمة للنميمة على الفرد والمجتمع؛ فهي تفرق بين الأحباب، وتفسد الصداقة بين الأخلاء والأصدقاء، وتدمر العلاقات الاجتماعية، وتورث الأحقاد والضغائن.
وأضاف قائلاً: إن النميمة من أسوأ الرذائل الأخلاقية، وأقبح الصفات المذمومة، وأخس الأفعال السيئة؛ لما تتركه من آثار سيئة على الأفراد وأبناء المجتمع.
وأوضح أن النميمة تجمع بين رذيلتين سيئتين، وهما: الغيبة والنّم، فكل نميمة غيبة، وليست كل غيبة نميمة، وهي تفوق الغيبة في خطرها وآثارها المدمرة، لاشتمالها على إفشاء الأسرار الشخصية، وهتك الأعراض، والتفريق بين الناس، وإشعال العداوات والفتن بينهم.
واعتبر أن النمّام كالحنظل، لأنه يفسد العلاقة الحلوة بين الأصدقاء، ويشعل نار الفتن بين الأحبة، فهو ينقل كلام هذا لذاك، وكلام ذاك لهذا، ليوقد العداوة والبغضاء بينهم، فإذا رآك تبسم في وجهك وقال: إن فلاناً يتكلم فيك بسوء، وإذا رأى صديقك، قال: تكلم عنك صديقك فلان بسوء، فتفسد الصداقة بينهما، وتحل العداوة محل المحبة، والضغينة محل المودة، وما كان هذا ليحدث لولا وقيعة نمّام نمّ بينهما بالسوء!
وبيّن الشيخ اليوسف حكم النميمة قائلاً: إن الإسلام حرّم النميمة أشد التحريم، ونهى عنها أشد النهي، فتمعن فيما ورد في القرآن الكريم في قوله تعالى: ﴿وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَّهِينٍ ﴿68/10﴾ هَمَّازٍ مَّشَّاء بِنَمِيمٍ﴾. والمَشّاء بنميم، هو نقّال الحديث والكلام من شخص لآخر، أو من قوم إلى قوم بهدف الإفساد والفتنة بينهم.
وأوضح أن النصوص الناهية والذامة للنميمة مستفيضة ومتكاثرة، ومنها: ما روي عن رسول اللَّهِ : «إيّاكُم والنَّميمَةَ». وعنه : «لا يَدخُلُ الجَنّةَ نَمّامٌ (وفي روايةٍ: قَتّاتٌ)». والقتّات هو النمّام.
وأكد على أن المؤمن الواعي يصون الحديث، ويحفظ الأسرار الشخصية للآخرين، ولا ينقل إلا الكلام الطيب الذي في نشره فائدة ومصلحة ومنفعة، وفيه تقريب بين الناس، وتأليف بين القلوب، وتقوية للعلاقات الأخوية.
ولفت إلى الآثار السيئة للنميمة والتي منها: أنها تورث الضغائن بين الناس، وتشعل نار الأحقاد بينهم، وتنتج العداوات بين أبناء المجتمع الواحد، وتفرق بين الأحبة والأصدقاء.
وقال الشيخ اليوسف: إن النميمة توغر الصدر، وتفسد المحبة، ولذا كان النبي ينهى أصحابه عنها، وعن نقل كل ما يفرق بين الناس، حتى أنه قال: «لَا يُبْلِغُنِي أَحَدٌ مِنْكُمْ عَنْ أَصْحَابِي شَيْئاً، فَإِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَخْرُجَ إِلَيْكُمْ وَأَنَا سَلِيمُ الصَّدْرِ».
ولفت إلى أن النميمة وإن كانت عن صدق لا تجوز، بينما الكذب في الإصلاح جائز؛ لأن الإسلام يريد تأليف القلوب، وتقريب النفوس، وتقوية أواصر الأخوة والمحبة بين المؤمنين.
وبعد أن تحدث عن بواعث النميمة، أشار إلى كيفية التعامل مع النمّام، إذ يجب الحذر منه، وعدم الأخذ بكلامه، والتوقي من كيده وإفساده، ومقاطعته وعدم مجالسته إن لم يترك هذه الصفة السيئة.
وأكد على عدم تصديق النمام وإن كان صادقاً، فالنمّام إنسان فاسق، وليس محلاً للثقة، ومردود الشهادة، كما قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ﴾.
ودعا إلى حسن الظن بالمؤمن، فلا تظنن بأخيك المؤمن سوءاً بمجرد النّم عليه، لقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ﴾.
وشدد على ضرورة نهي النمّام عن النميمة لأنها من الكبائر، ونصحه بترك هذه المعصية الكبيرة، وتقبيح فعلته وما يقوم به حتى يرتدع عن هذا المنكر، لقوله تعالى: ﴿وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ﴾.