مجالات العمل التطوعي وآفاقه
استضاف منتدى الثلاثاء الثقافي بالقطيف مساء الثلاثاء 6ربيع الأول 1427هـ الموافق 4 أبريل 2006م سماحة الشيخ عبدالله أحمد اليوسف في محاضرة بعنوان: ( مجالات العمل التطوعي وآفاقه )
جدير بالذكر أن منتدى الثلاثاء الثقافي بالقطيف الذي يرعاه رئيس المجلس البلدي بمحافظة القطيف الكاتب والباحث الأستاذ/ جعفر الشايب أقام العديد من الأمسيات الثقافية والأدبية خلال الفترة الماضية واستضاف خلالها مجموعة من الكتاب والباحثين والأدباء من داخل وخارج المملكة حيث يحضر المنتدى بشكل أسبوعي لفيف من مثقفي المنطقة الشرقية وشخصياتها الدينية والثقافية.
وقبل أن يبدأ سماحة الشيخ عبدالله اليوسف بإلقاء محاضرته عرف مدير الندوة الأستاذ ذاكر آل حبيل بالسيرة الذاتية لسماحته، ثم بدأ الشيخ اليوسف بإلقاء محاضرته؛ وهذا هو نصها:
مدخل
إن حيوية أي مجتمع أو ركوده منوط بمستوى الثقافة السائدة لديه ، فإذا كان المجتمع تسوده ثقافة منتجة ومتحركة وواعية فإنه يكون مجتمعاً حيوياً ومتحركاً ومتقدماً، أما إذا كانت الثقافة السائدة في المجتمع هي ثقافة سلبية ومتخلفة فان المجتمع سيصاب بالركود وانعدام الفاعلية .
وثقافة التطوع هي جزء لا يتجزأ من مفهوم الثقافة بالمعني العام ، وتساهم انتشار هذه الثقافة في أي مجتمع في تحريكه ودفعه نحو المزيد من الإنجاز والإنتاج في ميادين ومجالات العمل التطوعي ؛ أما عندما تكون ثقافة التطوع غائبة من الساحة الاجتماعية ، أو سائدة لدى نخبة من أبناء المجتمع فقط فإن النتيجة لن تكون في صالح تقدم وتطور العمل التطوعي .
والعمل التطوعي ممارسة إنسانية عرفته المجتمعات الإنسانية منذ القدم ، لأنه ينطلق من إنسانية الإنســان ، وهذا الشعور الإنساني هو الدافع الرئيس في أي عمل تطوعي ، فالتطوع هو ما ينبع من ذات الإنسان وباختياره من دون أي إلزام عليه ؛ في حين أن الأعمال التي تنجز بعنوان الواجب لا تعد أعمالاً تطوعية ، لأن الأعمال التطوعـية هي التي تكون بدافع إنساني واختياري وبحوافز دينية أو اجتماعية أو ثقافية أو اقتصادية أو حتى دعائية .
وفي الثقافة الإسلامية حظي العمل التطوعي بمكانة عالية من الاهتمام؛ إذ نجد الكثير من النصوص القرآنية والأحاديث الشريفة التي تحث علـى كفالة الأيتام ، ومساعدة المحتاجين والمعوزين والفقراء ، ومد يد المساعدة للعاجزين والمعوقين ، والمساهمة في التعليم ونشر العلم ، والحفاظ على البيئة ، والمشاركة في العمران والتطوير... إلى آخر ما هنالك من مجالات متعددة ومتنوعة للعمل الخيري والتطوعي .
ولا تكتفي ثقافة العمل التطوعي في الإسلام بالحث والتحريض على ذلك ، بل تجعل من عمل الخير مصداقاً من مصاديق العبادة ، كما تجعل من الساعي في قـضاء حاجات إخوانه المؤمنين كالمتشحط بدمه في سبيل الله تعالى‍ .
ومع كل ما تمتلكه ثقافة التطوع في الإسلام من مخزون ثقافي وقيمي محفز ودافع للانخراط في مجالات العمل التطوعي إلا أن الملاحظ في مجتمعنا هو تدني الـتفاعل مع مجالات العمل التطوعي ومؤسساته ولجانه. ويعود السبب في ذلك لأسباب عديدة من أبرزها :
1غياب ثقافة التطوع لدى الكثير من الناس ، وعدم إدراك المضامين النبيلة لأهداف الأعمال التطوعية ، وعدم وضوح فوائد ومكتسبات العمل الخيري والتطوعيـ

2ـ اهتمام الأفراد بالقضايا الخاصة ، وعدم إعطاء أية أهمية لقضايا المجتمع والمصلحة العامة للأمة .
3ـ وجود معوقات ومشاكل تعترض طريق العاملين في الأعمال التطوعية مما يدفع بالكثير إلى الابتعاد عن المشاركة في الأعمال التطوعية .
4 ـ اختلاف الأولويات حيث يتجلى ذلك في التركيز على قضــايا تقليدية للعمل التطوعي وإهمال جوانب مهمة تحتاج إلى المزيد من الرعاية والاهتمام .
5ـ تقليدية بعض قيادات العمل التطوعي وعدم قدرتها على إنتاج خطاب ثقافي تطوعي قادر على التجديد والفاعلية والتجاوب مع متغيرات العصر .
ولكي نستطيع تجاوز ذلك ، لابد من تفعيل ثقافة التطوع على المستويين النظري التأصيلي والعملي التطبيقي في البنية الاجتماعية وهذا يتطلب مايلي :
1ـ صياغة خطاب ثقافة التطوع بأسلوب جديد قادر على التأثير في الأجــيال المعاصرة .
2 ـ التركيز على فوائد ومكتسبات العمل التطوعي للأفراد المتطوعين ، كي تزداد القناعة بأهمية المشاركة في الأعمال التطوعية .
3 ـ ترتيب الأولويات في العمل التطوعي بما يناسب كل مجتمع وأمة ، وبما يساهم في تلبية الحاجات الجديدة للمجتمع ، وعدم الاكتفاء بالأعمال التقليدية كدعم الفقـــراء والمحتاجين؛ وإن كان هذا من صلب الأعمال التطوعية ، إلا إنه توجد الآن أيضــــاً قضايا مهمة ورئيسة كدعم المتفوقين دراسياً ، والمساهمة في تشغيل العــــــاطلين عن العمل ، ودعم الإنتاج الفكري والثقافي ... إلخ .
4ـ استقطاب عناصر جديدة للأعمال التطوعية لبعث روح جديدة فـيها ، وإنتاج الأفكار الجديدة ، والبرامج الجديدة ، وهذا يتطلب منح الفرصة لقيادات جديدة مــؤهلة لقيادة المشاريع التطوعية .
5ـ العمل على تجاوز العقبات والمشاكل التي تعترض طـريق العمل الخيري والتطوعي ، وتشجيع المتطوعين ودعمهم معنوياً ومادياً لكي يزدادوا نشاطاً و إنتاجاً .
وبهذه الخطوات يمكن دفع العمل التطوعي في مجتمعنا إلى المزيد من الإنجاز والعطاء والفاعلية .

لغة الأرقام
بالمقارنة بين ما وصلت إليه المؤسسات التي تعمل في مجالات الخدمة الاجتماعية والإنسانية في بلاد الغرب وبين حال مؤسساتنا الخيرية نجد الفارق كبيراً جداً ، إذ تقول لغة الأرقام : ((إنه في أمريكا وحدها يوجد ( 32000 ) مؤسسة خيرية بلغت ممتلكاتها عام 1989م أكثر من ( 138 ) مليار دولار ، كما يشارك في العمل التطوعي حوالي ( 93 ) مليون أمريكي يشكلون نسبة 30% من مجمل الأمريكيين ، ينفقون سنوياً (20 ) بليون ساعة في العمل التطوعي لصالح الأطفال والفقراء والتعليم وقضايا أخرى)) (1) .
كما يقدر معدل التبرع المالي لكل أمريكي ( 500 ) دولار سنوياً ، وقد تبرع الأمريكي " تيد تورنر " مؤسس شبكة CNN الإعلامية بثلث ثروته إلى المنظمات الإنسانية في الأمم المتحدة ويساوي مبلغ مليار دولار أمريكي .
وقال (( تورنز )) في بيان التبرع أن زوجته شاركته في القرار وفرحت به، ويعني بذلك أنها لم تعترض ولم تقل له : مالنا وللأمم المتحدة وليبق المليار دولار لأولادنا .
وكانت عائلة (( روكفلر )) قد تبرعت قبل نصف قرن بالأرض التي أنشئ عليها مبنى المنظمة الدولية الأمم المتحدة .
وواضح أن لسيادة هذه الروح التطوعية الجماعية أثر كبير في تقدم المجتمع الأمريكي، فعندما زار (( إلكسيس توكفيل )) الكاتب الفرنسي الولايات المتحدة في منتصف القرن التاسع عشر لاحظ أن الأمريكين يشاركون في كثير من الجمعيات التي ينظمونها لخدمة أغراض مجتمعاتهم : زراعية ومالية ودينية واجتماعية وجمعيات من كل نوع وفي كل اتجاه . وعلق (( توكفيل )) على هذا معتبراً أن هذه الجمعيات تمثل خاصيتين جديدتين في المجتمع الأمريكي ستؤديان إلى تقدمه بسرعة متفوقاً بذلك على أوروبا، التي كانت تسيطر على العالم في ذلك الوقت . هاتان الخاصتان هما فن التنظيم الاجتماعي، والرغبة في العمل الجماعي الطوعي وغير الطوعي . (2)
وقبل فترة زمنية قصيرة أعلن الملياردير الأميركي بيل غيتس عن تبرعه بمبلغ ثمان وعشرين بليون دولار من ثروته لأعمال الخير..! أي ما يقرب من نصف ثروته..! (3)
وفي بريطانيا يوجد أكثر من 20 مليون شخص من البالغين يمارسون نشاطاً تطوعياً منظماً . أما في فرنسا فقد جاء في تقرير لجمعية فرنسا للشؤون الاجتماعية أن 10 ملايين ونصف المليون فرنسي يتطوعون في نهاية الأسبوع للمشاركة في تقديم خدمات اجتماعية مختلفة تخص الحياة اليومية من مجالات التربية والصحة والبيئة والثقافة وغيرها . وتتراوح أعمار 51% من المتطوعين ما بين الخامسة والثلاثين والتاسعة والخمسين ، ويمثل الطلبة نسبة 21% وتتراوح أعمار المتطوعين منهم ما بين 18 و 25 عاماً .(4)
وتكشف هذه الأرقام والإحصائيات عن المستوى المتقدم الذي وصل إليه المجتمع الغربي في مجال الأعمال التطوعية، وبالرغم من أن بعض دوافع المؤسسات الخيرية و التطوعية في الغرب تشوبها دوافع مصلحية أو سياسية أو تبشيرية إلا أن بعضها ناتج من مستوى الوعي المجتمعي بأهمية العمل التطوعي، ومن الفطرة الإنسانية التي تدفع بالإنسان كإنسان إلى خدمة أخيه الإنسان وخدمة مجتمعه وأمته .
مجالات العمل التطوعي
اتسع مجال العمل التطوعي ليشمل الكثير من المجالات التي لم تكن محل اهتمام للعمل التطوعي في الماضي نظراً لتطور مفهوم العمل التطوعي، واتساع الأهداف والغايات منه، وتزايد الحاجات الجديدة التي تولدت مع تطور الحياة في مختلف أبعادها .
وفي تعاليم الإسلام وتوصياته نجد أن هناك تركيزاً على اتساع مفهوم الصدقة كأحد روافد العمل التطوعي، فالصدقة ليس فقط إعطاء الفقير ومساعدة المحتاج؛ بل إن النبي يعتبر إماطة الأذى عن الطريق صدقة، وإرشاد الجاهل صدقة، وعيادة المريض صدقة، والأمر بالمعروف صدقة، والنهي عن المنكر صدقة، والكلمة الطيبة صدقة، فقد روى عن الرسول : (( إن على كل مسلم في كل يوم صدقة، قيل: من يطيق ذلك؟ قال : إماطتك الأذى عن الطريق صدقة، وإرشادك الرجل إلى الطريق صدقة، وعيادتك المريض صدقة، وأمرك بالمعروف صدقة، ونهيك عن المنكر صدقة، وردك السلام صدقة)) (5) بل إن النبي يعتبر إن أي معروف صدقة ؛ يقول : (( كل معروف صدقة ))(6) وأفضل الصدقة التعليم، فقد ورد عنه : (( أفضل الصدقة أن يعلم المرء علماً ثم يعلمه أخاه)) .(7)
وهكذا يعلمنا النبي العظيم محمد بن عبدالله أن مجال الصدقة واسع وكبير جداً، وهو لا يقتصر على مساعدة المحتاجين والفقراء والمعوزين، بل يشمل الكثير من المجالات والأعمال الخيرية والتطوعية، ويزداد أهمية هذا الأمر إذا علمنا مكانة الصدقة باعتبارها قيمة إسلامية تعود على صاحبها بالأجر والثواب الجزيل .
كما يشيع في تراثنا الديني استخدام مفهوم فعل الخير للدلالة على الأعمال التطوعية والخيرية، وكلمة ( الخير ) يشير إلى أنه أفضل الأعمال، وأن فعله إنما يتم بقصد وليس بعفوية، فالأصل في معنى الخير هو الانتخاب، وإنما نسمى الشيء خيراً لأننا نقيسه إلى شيء آخر نريده ونقصده .(8)
والغاية من فعل الخير عند المسلم هو حب الله تعالى، والحصول على رضاه، يقول تعالى: ﴿وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً (9) ويقول تعالى: ﴿إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُوراً (10)
وفعل الخير في المنظور الإسلامي يشمل كل مايُسمى ( خيراً ) وفيه فائدة للإنسان نفسه، أو للمجتمع، أو للأمة، أو للبشرية جمعاء.
هذه المفاهيم وغيرها تشير إلى أن العمل التطوعي، ليس مقتصراً على جوانب مساعدة الفقراء والمحتاجين، وإنما يشمل العديد من المجالات والميادين التي تخدم مسيرة العمل التطوعي والخيري، وتعود بالفائدة والمنفعة للجميع.
وبنظرة فاحصة ومتأملة لمجتمعاتنا في عالم اليوم نكتشف أهمية توسيع مجالات العمل التطوعي وميادينه كي يغطي الحاجات الجديدة للمجتمع، ويُسهم في التنمية الشاملة، ويساعد على حل المشاكل والأزمات والكوارث، ويغطي متطلبات المستلزمات الرئيسة للأفراد.
و يحتاج مجتمعنا لتنمية وتوسعة مجالات العمل التطوعي، ويمكننا الحديث عن أبرز هذه المجالات في النقاط التالية:
1ـ الإرشاد الديني:
ونقصد به تعليم العلماء للناس أحكام الدين، ومسائل الحلال والحرام، وتبيين مفاهيم الإسلام، ونشر معالمه، وبسط فلسفته .....إلخ .
والإرشاد الديني الذي يقوم به العلماء العاملون والربانيون ويكون بهدف التعليم والتربية وبدون أي مقابل مادي يعد من أفضل وأشرف الأعمال التطوعية. ومن يقوم بهذا العمل التطوعي له ثواب عظيم، فقد روي عن الرسول الأعظم قوله: (( يجيء الرجل يوم القيامة وله من الحسنات كالسحاب الركام أو كالجبال الرواسي، فيقول : يارب أنّى لي هذا ولم أعملها؟ فيقول : هذا علمك الذي علّمته الناس يعمل به من بعدك )) (11) وقوله : (( إن الله وملائكته حتى النملة في جحرها وحتى الحوت في البحر يصلون على معلم الناس الخير )) (12) وعن الإمام الباقر أنه قال: (( معلم الخير يستغفر له دواب الأرض، وحيتان البحور، وكل صغيرة وكبيرة في أرض الله وسمائه )) .(13)
2ـ التعليم المجاني:
يعد التعليم المجاني من أبرز ميادين العمل التطوعي، وهو يساهم في نشر العلم في المجتمع، والارتقاء بمستوى الطلاب إلى الدرجات العليا .
والتعليم التطوعي له أشكال عديدة، من أبرزها: بناء مدارس وجامعات وكليات ومعاهد للتعليم المجاني من قبل القطاع الخاص، وتشييد مؤسسات المجتمع الأهلي، وبعث الطلاب المتفوقين لإكمال دراساتهم على حساب القطاع الأهلي، أومن قبل المحسنين، وأيضاً من أشكال التعليم التطوعي هو قيام مجموعة من المعلمين أو الطلاب الجامعيين بإعطاء التلاميذ دروساً في التقوية للمناهج التعليمية أيام الامتحانات خارج المدرسة من دون أي مقابل مادي .
وللتعليم التطوعي دور مؤثر في نشر العلم وبسطه، كما أن للمتطوع ثواباً وأجراً عظيماً، فقد ورد عن الرسول قوله: (( إن معلم الخير يستغفر له دواب الأرض، وحيتان البحر، وكل ذي روح في الهواء، وجميع أهل السماء والأرض)) (14)
3ـ التكافل الاجتماعي:
حَثَّ الإسلام على أهمية القيام بالتكافل الاجتماعي، لأنه يقضي على الفقر والجهل و المرض؛ فمساعدة الفقراء والمساكين والمحتاجين وتلبية مستلزماتهم الأساسية من مأكل ومشرب وملبس ومسكن ومنكح يعد من الحاجات الأساسية التي يجب أن تكون من أولويات العمل التطوعي .
والسعي في قضاء حاجات المحتاجين يعد من الأعمال الصالحة، وهو عبادة، وله ثواب جزيل، فقد روي عن الرسول قوله: (( من سعى في حاجة أخيه المؤمن فكأنما عبد الله تسعة آلاف سنة، صائماً نهاره قائماً ليله)) (15) وعنه أيضاً أنه قال: ((من مشى في عون أخيه ومنفعته فله ثواب المجاهدين في سبيل الله)) (16) وقال الإمام الصادق (( من قضى لأخيه المؤمن حاجةً قضى الله عز وجل له يوم القيامة مائة ألف حاجة من ذلك أولها الجنة)) (17)
4ـ التعاون الصحي:
يعتبر التطوع في الميدان الصحي من الأعمال الهامة في تنمية الوعي الصحي، والحفاظ على حياة الإنسان، والمساهمة في إشاعة قيم التعاون الصحي بين الناس.
ومن أبرز مظاهر التطوع الصحي هو تطوع الأطباء والممرضين والمسعفين لإنقاذ حياة المرضى من الخطر، أو التخفيف من آلامهم وأوجاعهم .
ولعل أهم عمل في ميدان التطوع الصحي والطبي هو أن يتبرع شخص بأحد أعضائه كالكلية أو الرئة أو غيرها من الأعضاء الحيوية لإنقاذ مرضى الفشل الكلوي أو الرئوي أو غيرها من الأمراض المستعصية. ولاشك أن التبرع بأحد أعضاء الجسم وهو لا يزال على قيد الحياة يٌعد قمة التطوع في المجال الطبي، يأتي بعد ذلك التبرع بأحد الأعضاء بعد الموت بالوصية لإنقاذ مريض بأشد الحاجة لذلك العضو المطلوب !
كما أن التبرع بالدم مظهر آخر من مظاهر التطوع الصحي، أضف إلى ذلك إلقاء المحاضرات والندوات التثقيفية في المجال الصحي والطبي والغذائي كل ذلك يعد من مظاهر التطوع الطبي .
ومجتمعنا بحاجة ماسة لمثل هذا النوع من الأعمال التطوعية، لأنها مازالت محدودة وبحاجة إلى المزيد من الاهتمام في هذا الجانب .
5 ـ الحفاظ على البيئة :
الحفاظ على البيئة من التلوث بمختلف أشكاله مجال آخر للتطوع، وتبدو الحاجة ماسة جداً لهذا النوع من العمل التطوعي نظراً لتفاقم المشكلات البيئية التي باتت تهدد العالم كله بكوارث خطيرة نتيجة للإعتداء على البيئة الطبيعية، وتلويث البحر و الجو والفضاء الناتج من المصانع الضخمة، وما تتركه من مخلفات ونفايات صناعية ضارة بالبيئة. أضف لذلك الاعتداء على الأشجار والغابات والمساحات الخضراء مما أدى لزيادة التلوث البيئي، والذي أهم محاوره: تلوث الهواء والماء والتراب، وهناك تلازم بين هذه الثلاثة، مما أدى لتفاقم مشكلة التلوث البيئي، وما قد ينتج عن ذلك من مخاطر وخيمة على كوكبنا.
وفي الغرب نجد الكثير من المنظمات والجمعيات التطوعية التي تُعنى بالتطوع البيئي، كمنظمة السلام الأخضر ومنظمات حماية البيئة . ومجتمعنا بحاجة ماسة إلى زيادة النشاط التطوعي في المجال البيئي، فقلما نجد في العالم العربي منظمة أو جمعية تطوعية تهتم الشأن البيئي؛ لذلك، توجد ضرورة لإيجاد مثل هذه المناشط التطوعية لتنشيط حملات التوعية البيئية، والعمل على تنظيف الشواطىء والبحار، والمحافظة على المحميات الطبيعية، وزيادة المساحة الخضراء في كل مكان .
6 ـ الدفاع عن حقوق الإنسان :
مجال آخر من مجالات العمل التطوعي، بل من أهمها وهو : الدفاع عن حقوق الإنسان المعنوية والمادية. فالله سبحانه وتعالى كَرَّمَ الإنسان، يقول تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً (18)
وتعاليم الإسلام تحث بوضوح على وجوب احترام الإنسان، وحماية حقوقه من التعدي والتجاوز والإهدار، وحرمة مصادرة أي حق من حقوقه المشروعة.
والدفاع عن حقوق الإنسان التي أقرها الإسلام، تعد من أبرز مجالات العمل التطوعي التي تحتاج للمزيد من الفاعلية والنشاط في العالمين العربي والإسلامي، فاحترام (حقوق الإنسان ) يعد علامة على التطور الحضاري، في حين أن انتهاك هذه الحقوق دليل على التخلف الحضاري.
ويمكن للمتطوعين في مجال حقوق الإنسان المساهمة في نشر الوعي الحقوقي بين الناس، وتعريفهم بحقوقهم وواجباتهم، وتأليف المصنفات في مجال حقوق الإنسان، والدفاع عن أية انتهاكات تقع من أي جهة ضد الإنسان وحقوقه المشروعة.
وفي نهاية المحاضرة طرحت مجموعة من المداخلات والأسئلة مما أضفى على اللقاء المزيد من التفاعل والحيوية والإثراء للموضوع .
الهوامش:
ـــــ
1ـ العمل التطوعي في خدمة المجتمع، ص17، نقلاً عن جريدة الشرق الأوسط بتاريخ 5/5/1997 م، موضوع أهمية العمل التطوعي عند المواطن الأمريكي، جيمس زغبي .
2 ـ العمل التطوعي في خدمة المجتمع، ص 18، نقلاً عن جريدة الحياة بتاريخ 29/9 /1419 هـ، موضوع المواطنون وجمعياتهم والتقدم، حمدي صالح .
3 - صحيفة الشرق الأوسط، الاربعـاء 08 شـوال 1426 هـ 9 نوفمبر 2005 العدد 9843.
4 ـ العمل التطوعي في خدمة المجتمع، ص 19، نقلاً عن جريدة الحياة بتاريخ 31/3/1998م .
5 ـ ميزان الحكمة، ج4، ص1597، رقم 10374.
6 ـ ميزان الحكمة،ج4، ص1597 رقم 10375.
7 ـ ميزان الحكمة،ج5، ص2074، رقم 13793.
8 ـ الميزان في تفسير القرآن، ج3، ص132.
9 ـ سورة الإنسان: الآية8.
10 ـ سورة الإنسان: الآية9.
11 ـ ميزان الحكمة،ج5، ص2074، رقم 13800.
12 ـ ميزان الحكمة،ج5، ص2076، رقم 13818.
13 ـ ميزان الحكمة،ج5، ص2076، رقم 13820.
14 ـ ميزان الحكمة،ج5، ص2076، رقم 13819.
15 ـ ميزان الحكمة،ج2، ص700، رقم4452.
16 ـ ميزان الحكمة،ج2، ص701،رقم 4458.
17 ـ ميزان الحكمة،ج2، ص701، رقم 4462.
18- سورة الإسراء: الآية70.




7/3/1427
اضف هذا الموضوع الى: