|
|
تعد شريحة الشباب من أكثر الشرائح الاجتماعية تأثيراً وتأثراً، فهي كشريحة في عنفوان عطائها وحيويتها وقوتها تستطيع أن تؤثر في كل مكونات المجتمع الأخلاقية والثقافية والعلمية والمعرفية والاقتصادية والسياسية وغيرها من المكونات والأبعاد التي تصوغ كيان المجتمع.
وهي شريحة سريعة التأثر بكل ما يدور حولها من تطورات علمية وتكنولوجية وتقنية ومعرفية وثقافية، فهي الأسرع استجابة للمتغيرات، والأقدر على التفاعل مع كل جديد، والأكثر قدرة في التكيف مع المتغيرات الزمانية والمكانية.
والشباب بما يملكون من طاقات ومواهب وإمكانيات، وبما يتميزون به من قدرات عقلية وعلمية وعملية، وبما يتصفون به من سمات نفسية وأخلاقية قادرون على صنع التغيير الاجتماعي، وإحداث الكثير من المتغيرات فيما يجري من حولهم، لذلك نلاحظ أن كل الذين يصنعون التغيير في مختلف المجتمعات الإنسانية هم شريحة الشباب، فهم عادة من يحملون راية التغيير، ويرفعون شعار الإصلاح، وينادون بضرورة التحديث والعصرنة.
ولأهمية شريحة الشباب ودورهم الفاعل في أي تغيير أو إصلاح اجتماعي، فإن الشباب يواجهون اليوم تحديات كبيرة وكثيرة ومتنوعة، وكلها تستهدف التأثير على قناعاتهم وسلوكياتهم وأخلاقياتهم، وقد عمل الغرب بكل ما يملك من تطور تكنولوجي وتقني مذهل على إيصال رسالته وأفكاره وثقافته لجيل الشباب في كل مكان، ومنه شباب العالم الإسلامي الذي أصبح يتعامل مع التقنيات الحديثة في وسائل الإعلام والاتصال على اختلاف أنواعها وأشكالها.
وبمقدار ما لتلك التطورات والإنجازات العلمية من إيجابيات وفوائد وحسنات إلا أنها أيضاً لها الكثير من السيئات والمساوئ، وقد أخذت تلك الوسائل والآليات الحديثة في التأثير على كل شيء في حياتنا المعاصرة، ومن أكثر الشرائح العمرية تأثراً بذلك شريحة الشباب التي أصبحت تلك التقنيات الحديثة جزءاً لا يتجزأ من طبيعة حياتها المعاصرة.
والسؤال الذي يفرض نفسه هنا:
كيف نستطيع أن نواكب هذا التحدي الثقافي والمعرفي؟
وكيف نحمي شبابنا من التأثيرات السلبية لوسائل الإعلام والاتصال الفاسدة؟
وما هي الأساليب والوسائل التي نستطيع من خلالها مواجهة أهداف وغايات الثقافة الغربية؟
وكيف يرسم لنا القرآن الكريم المنهج الرباني للوقاية والعلاج من مخاطر التحديات الثقافية والإعلامية؟
هذه التساؤلات وغيرها تحاول هذه الدراسة المختصرة الإجابة عليها ارتكازاً على معالجات القرآن الكريم وما ورد عن السنة الشريفة في ذلك.
وقد قسم سماحة الشيخ عبدالله اليوسف الكتاب إلى ثلاثة فصول وهي:
الفصل الأول: مفاهيم ومصطلحات .
الفصل الثاني: الثقافة المعاصرة: مصادرها ووسائلها وأهدافها وتأثيراتها.
الفصل الثالث: رؤية قرآنية في معالجة التحدي الثقافي المعاصر.