غلاف كتاب الإمام الجواد دروس وعبر للأستاذ رضي العسيف
|
في سيرة كل إمام من أئمة أهل البيت الأطهار (عليهم السلام) قصة حياة، ومسيرة حافلة بالجهاد والعطاء، والتوجيه والإرشاد، والتثقيف والتوعية، وقيادة الأمة، وربط الناس بالقيم والأخلاق والمثل العليا.
وقد واجه كل إمام من أئمة أهل البيت تحديات كبيرة، ومنعطفات مهمة في مسيرته الرسالية، وعندما نتصفح سيرة الإمام الجواد (عليه السلام) فسنلحظ أن أهم منعطف واجهه الإمام (عليه السلام) هو التشكيك في أهليته للإمامة، إذ أن الإمام (عليه السلام) تصدى لشؤون ومهام الإمامة وهو في سن مبكرة؛ إذ لم يتجاوز عمره الشريف السبع سنوات، وهو الأمر الذي أثار الشك والحيرة عند المقربين فضلاً عن الأبعدين.
لكن الإمام الجواد (عليه السلام) بما يملكه من مؤهلات علمية وكفاءة عملية استطاع أن يثبت للجميع أنه أهل للإمامة، وأن العمر ليس له مدخلية في الاصطفاء الإلهي، فالإمامة منصب إلهي كما النبوة، وكما اختار الله النبي عيسى (عليه السلام) للنبوة وهو في سن مبكرة؛ كذلك اختار الله للإمامة في سن مبكرة أيضاً الإمام الجواد (عليه السلام)
وللإمام الجواد (عليه السلام) الكثير من العطاء العلمي من خلال المناظرات والمحاورات العلمية، وكذلك بيان المسائل الشرعية والدينية، كما أن الإمام الجواد قاد مسيرة الأمة، وعمّق المفاهيم الدينية، وتصدى للتيارات المنحرفة، وساهم في انتشار أتباع مدرسة أهل البيت في الأمة الإسلامية.
وقد تغلب الإمام الجواد (عليه السلام) على مضايقات السلطة العباسية عبر نصبه للوكلاء والممثلين عنه في كل الأمصار والبلدان الإسلامية، وقد شمل ذلك كبريات المدن الإسلامية كبغداد والبصرة وواسط والري والكوفة وقم وهمدان والأهواز ... وغيرها من المدن والحواضر الإسلامية الكبرى في ذلك العصر.
وقد قام هؤلاء الوكلاء بأدوار متنوعة كإرشاد الناس إلى الأحكام الدينية، وربط الناس بالإمام الجواد (عليه السلام) وقبض وصرف الحقوق الشرعية، وحل مشاكل الناس، ونشر فضائل ومناقب أهل البيت بين مختلف الشرائح الاجتماعية.
وبذلك استطاع الإمام الجواد (عليه السلام) أن يكسر الحصار والمراقبة الشديدة التي كان يتعرض لها من قبل الخلفاء العباسيين وخصوصاً من قبل المعتصم العباسي، الذي حاول أن يعزل الإمام (عليه السلام) عن الناس، ويفرض عليه إقامة جبرية في منزله ببغداد.
وقد ارتحل الإمام الجواد (عليه السلام) وهو في عنفوان شبابه، إذ عاش خمساً وعشرين سنة فقط، لكنها من حيث الإنتاج العلمي، والإنجازات العملية تقدر بأضعاف ذلك من حيث البعد الزمني.
ويسلط هذا الكتاب - الذي بين يديك - الأضواء على بعض الجوانب والأبعاد المهمة من حياة وسيرة الإمام الجواد (عليه السلام)، ويمتاز هذا الكتاب بربط السيرة المشرقة للإمام (عليه السلام) بالواقع المعاصر، فكاتبه لم يتعامل مع السيرة المباركة للإمام بطريقة سردية مجردة، وإنما حاول أن يستنتج منها دروساً وعبراً لواقعنا المعاصر، وهو ما أضفى على الكتاب رؤية معاصرة ممزوجة بلغة عصرية مناسبة للأجيال الجديدة من الشباب.
والكاتب الأستاذ/ رضي منصور العسيف وهو يقرأ سيرة الإمام الجواد (عليه السلام) استفاد من خبراته وتجاربه كناشط اجتماعي، ومثقف متنور ليزاوج بين التاريخ وقضايا العصر، وليربط سيرة الإمام الجواد (عليه السلام) بمتطلبات المجتمع، ليعطي لوحة إرشادية لشباب العصر بما يجب عليهم القيام به تجاه مجتمعهم وأمتهم.
والله نسأل أن يوفق الكاتب الأستاذ/ العسيف للمزيد من العطاء العلمي والمعرفي، وأن يضاعف له الأجر والثواب، وأن يجعل ذلك في ميزان حسناته... إنه سميع مجيب الدعاء.
والله المستعان.
عبد الله أحمد اليوسف
الثلاثاء 29 ذو القعدة 1430هـ
17 نوفمبر (تشرين الثاني) 2009م