يُحظى التعريف بالأعلام بأهمية بالغة للحاضر والمستقبل، لأنه يُخلد الأسماء اللامعة في دنيا العلم والفكر، وميدان الإبداع والابتكار، وكل من ساهم في صنع التاريخ، والرقي المدني، والتطور الحضاري. ولذلك اهتم المؤلفون والأدباء قديماً وحديثاً بكتابة المصنفات التي تتناول حياة الأعلام والشخصيات العظام ممن شاركوا في صناعة التاريخ، ورسم المستقبل.
والتعريف بالأعلام ضرورة وحاجة للأجيال الحاضرة والقادمة، إذ يساهم في تقوية الثقة بالنفس، وتنمية الاعتزاز بالذات، وتعميق الارتباط بالرموز والقدرات، وتفعيل الإبداع والابتكار والعطاء في كل الميادين العلمية والعملية، واستخلاص التجارب والدروس والعبر.
والمطلوب من أجيالنا الحاضرة والأجيال التي ستأتي بعدنا دراسة التاريخ، والتعرف بدقة ووعي على حياة الأعلام والشخصيات البارزة الذين صنعوا التاريخ بالإرادة والعزيمة والثقة بالنفس والاعتزاز بالهوية والمحافظة على القيم والمثل والأخلاق. ولم يستسلموا لمصاعب الحياة، ومشاكل المعيشة، وصعوبات الدنيا وتحولاتها، بل أصروا على النجاح وتجاوز العقبات، وتذليل الصعوبات، حتى وصلوا إلى مراتب عالية، ومقامات رفيعة، فحققوا ما أرادوا، أو بعض مما أرادوا.
والتعريف بالأعلام يبرز لنا صفحة مشرقة من حياة رجال قدموا الكثير من أجل مستقبل بلدهم وأمتهم ومجتمعهم. ولنا في ذلك القدوة الحسنة، والمثل الأعلى، والنموذج الأمثل.. لنسير على درب العظام والكبار من أهل العلم والمعرفة، وأهل التضحية، والإرادة القوية، والعزيمة الراسخة.
وإذا كان التعريف بالأعلام من أهل العلم والمعرفة، والإبداع والابتكار قد حظي بنصيب وافر من العناية والاهتمام من قبل الأدباء والمؤلفين في مجال التراجم والأعلام، فإن التعريف بالأعلام الذين برزوا في الخدمة الاجتماعية والعمل التطوعي ( الأهلي ) لم يحظَوا بأي اهتمام يذكر، بل غالباً ما يلفهم النسيان، ويطويهم الزمن ماحياً صورتهم من الأذهان والعقول والقلوب!
ولذلك كله، غاب عن أذهاننا الكثير... الكثير من الأسماء البارزة ممن خدموا مجتمعاتهم، وضحوا بالغالي والرخيص في سبيل تقدم أمتهم وبناء مجتمعهم. ولم يُكتبَ عن هؤلاء الأعلام الذين قدموا المال والوقت والجهد في سبيل إسعاد غيرهم إلا النزر القليل من التعريف بأعمالهم ومنجزاتهم الاجتماعية والتطوعية والخيرية بالرغم من أن العمل التطوعي والاجتماعي هو من أشرف الأعمال، وأنبل الأفعال. ولذلك يجب التعريف بالأعلام الذين برزوا في مجال العمل الأهلي وقدموا مساهمات أثرت في تقدم المجتمع وتطوره.
وفي هذا السياق يأتي هذا الكتاب الموسوم بـ ( أعلام من أسرتي ) للكاتب الفاضل والصديق العزيز الأستاذ/ علي محمد المحمد علي حيث أبرز في كتابه بضعاً من الأعلام من أسرة ( المحمد علي ) ممن قدموا خدمات جليلة في ميدان العمل الخيري والتطوعي مما كان له بالغ الأثر في مجال التنمية الاجتماعية؛ وتقوية التكافل الاجتماعي.
وأسرة ( المحمد علي ) من الأسر العريقة والكبيرة والمعروفة في كل من الأحساء والدمام والكويت، وقد برز فيها العديد من الأعلام في علوم الدين والدنيا. وما هؤلاء الأعلام الذين كتب عنهم الأستاذ/ علي المحمد علي في كتابه الذي بين يديك إلا نماذج تستحق التسجيل والتقدير والتعريف بحياتهم وتجاربهم وأعمالهم الاجتماعية والإنسانية والخيرية لكي يتحولوا إلى قدوات صالحة لأفراد الأسرة ولكل أبناء المجتمع، ولأنهم يستحقون الشكر والتقدير والثناء؛ فمن لم يشكر المخلوق لم يشكر الخالق.
والله نسأل أن يوفق المؤلف في جميع أعماله العلمية والعملية، وأن يوفقه للمزيد من العطاء والإنتاج في شتى حقول العلم والمعرفة. كما ينتهل إلى المولى عز وجل أن يضاعف له الأجر والثواب، وأن يجعل هذا الكتاب في ميزان أعماله ﴿يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴾.
والله المستعان.
عبدالله أحمد اليوسف
الحلة ـ القطيف
الأحد 28/11/1420هـ
5/3/2000م