لم تعد الصورة التي تبث عبر شاشات الإعلام ووسائل الاتصال المختلفة مجرد صور صامتة؛ بل تحولت إلى وسيلة ثقافية، وتعبر عن مواقف وآراء، ولم تعد الصورة المتطورة في عصر العولمة الجديد مجرد صورة، فالصورة لها محتوياتها الثقافية والمعرفية، وأخذت تلعب دوراً مؤثراً لإيصال أية رسالة يُراد إقناع الشباب بها.
وفي عصر تغير فيه كل شيء، تغيرت معه الصورة أيضاً، فلم تعد الصورة مجرد لوحة فنية، أو تعبير عن رسوم وصور، أو مجرد متعة تسر الناظرين إليها، بل أضحت تحمل أفكاراً وثقافة ومعرفة، بغض النظر إن كانت تلك الثقافة هادفة وملتزمة أم فاضحة ومخلة بالآداب والحياء!
فالصورة المتحركة والمتطورة تحولت إلى وسيلة للتواصل الإنساني، وأصبحت من أسلحة المعركة الثقافية، وهي أضحت أكثر تأثيراً في جيل الشباب من أي جيل آخر.
والإبداع والتطور الذي يصاحب الصورة المتحركة استخدمت في كثير من الأحيان -للأسف الشديد- في توصيل رسالة مليئة بالصور العارية أو شبه العارية، خصوصاً للمرأة التي يُراد تحويلها إلى مجرد وسيلة في عملية استعراض فني لمفاتن جسدها بصورة مثيرة ومهيجة للغرائز والشهوات.
وتستخدم اليوم كل تقنيات عرض الصور المتطورة من خلال وسائل التلفاز والكمبيوتر والسينما والهواتف الذكية وأجهزة الفيديو وDVD وغيرها في نشر الأفلام المبتذلة، والصور الخادشة للحياء والتي تنشر حتى على الملابس، أو أدوات الحلاقة، أو في حلقات المفاتيح، أو على أجهزة الفيديو أو أقراص CD ليسهل ترويجها بين الشباب، بما يُساهم في زيادة لهيب نار الشهوات بهدف إفساد الشباب أخلاقياً وإضعاف الروح الدينية عندهم.
وقد أثبتت الدراسات الميدانية العلاقة الوثيقة بين ارتكاب الجرائم الجنسية ومشاهدة الصور والأفلام الجنسية والمبتذلة؛ إذ يدمن مرتكبو الجرائم الجنسية على مشاهدة الأفلام الجنسية والخادشة للحياء، كما تبين بعض الدراسات قوة تأثير الصور الإباحية في ارتكاب جرائم التحرش والاعتداء الجنسي ضد الإناث والأطفال.
كما أن الإدملن على مشاهدة الأفلام الخليعة والصور العارية تؤدي إلى تدمير المثل والقيم الأخلاقية والمعنوية عند المشاهدين لها؛ وما ارتفاع جرائم الاغتصاب للفتيات في كثير من المجتمعات المسلمة، بل واغتصاب الأطفال إلا دليلاً على تأثير ذلك في سلوكيات الفتيان والفتيات.
ونظراً لما تتركه الصور الإباحية والأفلام الخليعة على سلوك الإنسان؛ فقد أفتى الفقهاء من مختلف المذاهب الإسلامية بحرمة مشاهدة أو اقتناء ذلك، وذلك بهدف الحفاظ على أخلاقيات وسلوكيات وقيم الشباب من التدمير والتخريب.
إن على جيل الشباب -كما على غيره- الابتعاد عن كل صورة مبتذلة، وتجنب مشاهدة أي فيلم مبتذل، أو صورة خادشة للآداب والحياء، ومما لا شك فيه أن للوازع الديني دوره الفاعل والمانع من الوقوع في الرذيلة والانحراف، وإلا فإن الوصول إلى تلك المحرمات أصبح في متناول الكل، فإذا تجاوب الشاب مع وسائل الانحراف، ووقع في مستنقع الفساد، فإنه سينحط شيئاً فشيئاً حتى يصل لقاع الانحراف والفساد، وبذلك يخسر دنياه وآخرته.