من أهم الأمور التي يجب أن تحظى بعنابة كبيرة عند الطلاب والطالبات هي السعي نحو التميز العلمي، فكسب العلم واكتسابه، والتميز فيه أمر في غاية الأهمية في بناء الحاضر، واستشراف المستقبل، فبالعلم تبنى الدنيا وتعمر الآخرة، فمن أراد الدنيا فعليه بالعلم، ومن أراد الآخرة فعليه بالعلم، ومن أرادهما معاً فعليه بالعلم.
وأولى القواعد للتميز العلمي هي: النية الصادقة والإخلاص والرغبة في طلب العلم واكتسابه. فقد قال بعض الكاملين من أهل العلم: «تطييب القلب للعلم كتطييب الأرض للزراعة، فبدونه لا تنمو ولا تكثر بركته ولا يزكو، كالزرع في أرض بائرة غير مطيبة»[1] ، فلا بد للطالب أن يهيئ قلبه لتلقي العلم والمعرفة لكي ينمو في دراسته وعلمه، وأن يكون الطالب أثناء الدراسة على وضوء وطهارة حتى يبزغ في قلبه نور العلم وحبه.
والقاعدة الثانية هي: الثقة بالنفس والتي هي عبارة عن شعور نفسي بامتلاك القدرات العقلية والذهنية التي تؤهله إلى التفوق في دراسته؛ فلا يوجد إنسان عديم المواهب والقدرات وإنما يوجد إنسان لا يعرف نقاط قوته ولا يعرف كيفية اكتشاف مواهبه واستغلالها لصالحه، فالطالب الذي يثق بقدراته ومواهبه وبما أنعم الله عليه من عقل وطاقة وقدرات عقلية يتفوق وينجح ويبدع ويتميز في دراسته؛ فالثقة بالنفس تزرع في الطالب حب العلم والتفوق في الدراسة حتى لو كان ذات إمكانيات مادية محدودة.
وأما القاعدة الثالثة من قواعد التفوق العلمي هي: الحرص على التعلم والفهم، فلا يكفي الطالب أن ينتظم فقط في دراسته وإنما المطلوب أيضاً أن يحرص على استيعاب المادة التعليمية التي يتلقاها والمعلومات التي تُعطى له من قبل المعلم وألّا يخجل من السؤال والمناقشة في حالة لم يفهم المادة العلمية.
ومن ضمن القواعد المهمة أيضاً في طريق التميز العلمي هي: الصبر على طلب العلم، والجد والمثابرة والاجتهاد، فلا بد للطالب أن يجتهد ويثابر ويسعى في الحصول على أعلى الدرجات والتميز في دراسته، وذلك بتنظيم وقته من خلال جدول بأوقات يومه ومذاكرته وترتيب أموره وأولوياته، وأن يحرص على وقته أشد الحرص حتى يتفوق في دراسته، فالتفوق لا يأتِ من فراغ؛ وإنما يحتاج إلى جد واجتهاد وجدية ومثابرة وعزم وتصميم على ذلك.
وكما ينقل عن الخليل بن أحمد الفراهيدي عالم اللغة المعروف أنه قال: «العلم لا يعطيك بعضه حتى تعطيه كلك»[2] .
والصبر والتحمل في سبيل طلب العلم الذي هو فريضة على كل مسلم ومسلمة، والحرص على بناء المستقبل من خلال الحصول على أعلى المراتب والمناصب التي تجعل من الإنسان يتميز في عمله وينفع مجتمعه وأمته؛ فالطالب الواعي هو الذي يحمل مسؤولية نفسه ومجتمعه رغم الصعوبات التي تواجهه ويفكر في مستقبله، وعليه أن يتغلب على تلك العوائق التي تحول بينه وبين دراسته وتفوقه العلمي.
وتتحدث كتب الأعلام عن مسيرة بعض العلماء الشاقة في سبيل تحصيل العلم والمعرفة ومعاناتهم وصبرهم وتحملهم حتى وصلوا إلى ما وصلوا إليه من نجاح وتفوق وتميزعلمي بارز.
ولنأخذ مثالاً على ذلك: العلامة النراقي صاحب كتاب (جامع السعادات)، حيث كان لا يملك مالاً ليشتري به فانوساً للاطلاع والقراءة، فكان يذهب إلى الأماكن العامة ليستفيد من الإنارة كي يطالع ويقرأ.
فلا بد للطالب الطموح أن يكون عنده همّ الدراسة والعلم، وهاجس التفوق وحب التميز حتى يخدم نفسه ومجتمعة ووطنه. وكما قيل: «اطلبوا العلم من المهد إلى اللحد»[3] .
ومن المهم للغاية قطع جميع العوائق التي تشغل الطالب عن تحصيل العلم: كالمبالغة في الرياضة، والإفراط في اللعب، والسهر المتواصل، والإدمان على مواقع التواصل الاجتماعي؛ مما يؤدي إلى ضعف المستوى التعليمي أو ترك الدراسة.