|
|
الإمام الحسن المجتبى سبط رسول الله وريحانته، وشبيهه في حلمه وصبره وجوده وكرمه، حتى لقب بكريم أهل البيت لكثرة سخائه وكرمه، تربى في أحضان جده رسول الله ، ونشأ في بيت الإمامة في ظل والده أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب ، فجمع في شخصيته شرف النبوة والإمامة، وشرف النسب والحسب.
هذا الإمام العظيم واجه في حياته المباركة الكثير من المحن والمتاعب والمشاكل التي ألقت بثقلها وتأثيرها على مسار الأحداث قيل وبعد توليه منصب الإمامة والخلافة.
ومن أهم الأمور التي عانى بسببها صنوف الأذى النفسي والعنف المعنوي حتى من بعض أصحابه المقربين هو صلحه مع معاوية، إذ واجه الإمام الحسن النقد الشديد لإبرامه الصلح مع علمهم باضطراره لذلك، بيد أن عقد الصلح مع الأمويين لم يكن بالحدث العادي؛ بل كان من الأحداث التاريخية الكبرى التي غيرت مجرى ومسار التاريخ.
ومن هنا، يعد الصلح الذي وقعه الإمام الحسن مع معاوية من أبرز المواقف السياسية التي ينبغي التركيز عليها عند دراسة السيرة المباركة للإمام الحسن ، لأن هذا الحدث الهام يعتبر من أهم الأحداث التاريخية التي يجب دراستها دراسة موضوعية وتحليلية كي يمكن فهم الظروف والملابسات التي ساهمت وأدت إلى توقيع معاهدة الصلح بين الطرفين.
ولا زال وسيبقى الجدل والنقاش بين المؤرخين والكتّاب مستمراً حول دوافع الإمام الحسن للصلح مع معاوية، وأسبابه، ونتائجه، فالقراءة لهذا الحدث التاريخي البارز لم تكن متوافقة؛ بل تختلف باختلاف الميول والتوجهات التي يعتقد بها صاحبها.
ويتناول المؤلف في هذا الكتاب الأبعاد المختلفة لإبرام وثيقة الصلح بين الإمام الحسن ومعاوية بصورة مختصرة ولكنها مركزة، وبيان أهم الدوافع التي دفعت الإمام الحسن للقبول بالصلح، وبنود وثيقة الصلح، والخيارات المتاحة، وفوائد الصلح، وأضرار عدم القبول به؛ وكلها مواضيع مهمة جداً لفهم خلفيات الصلح وأبعاده.
وقد صدر الكتاب في طبعته الثانية عن مركز الإمام الحسن للدراسات التخصصية بالنجف الأشرف التابع للعتبة الحسينية المقدسة، والتي تعد الأولى بالنسبة إلى للمركز1441 هـ - 2019م، ويقع في 72 صفحة من الحجم الكبير.
وافتتح الكتاب في طبعته الجديدة، بكلمة من مركز الإمام الحسن للدراسات التخصصية جاء فيها ما نصه:
أهل البيت (عليهم السلام) شخوصٌ نورانيَّة وأشخاصٌ ملكوتيَّة، يتدفَّقون نوراً وينطقون حياةً، شفاههم رحمة وقلوبهم رأفة، وُضِعَ الخير بميزانهم فزانوه عدلاً، ونَمَت المعرفة على ربوع ألسنتهم فغذّوها حكمةً.
أنوارٌ هداة، قادةٌ سادات (ينحدرُ عنهم السيل ولا يرقىٰ إليهم الطير)، ألفوا الخَلق فألفوهم، تصطفُّ علىٰ أبوابهم أبناء آدم متعلِّمين مستنجدين سائلين، وبمغانمهم عائدين.
لا يُكرِهون أحداً علىٰ موالاتهم ولا يجبرون فرداً علىٰ اتِّباعهم، يُقيِّد حبُّهم كلَّ من استمع إليهم ويشغف قلبَ كلِّ من رآهم، منهجهم الحقُّ وطريقُهم الصدق وكلمتُهم العليا، هُم فوق ما نقول ودون ما يُقال من التأليه، هُم أنوار السماء وأوتاد الأرض.
والإمام الحسن المجتبى هو أحد هذه الأسرار التي حار الكثير في معناها وغفل البعض عن وجه الحكمة في قراراتها وباع آخرون دينهم بدنيا غيرهم فراحوا يُسطِّرون الكذب والافتراءات عليه والتي جاوز بعضها حدَّ العقل ولم يتجاوز حدَّ الحقد المنصبِّ علىٰ بيت الرسالة.
وقد اهتمَّ مركز الإمام الحسن للدراسات التخصّصية بكتابة البحوث والدراسات وتحقيق المخطوطات التي تُعنَىٰ بشأن الإمام الحسن المجتبىٰ ونشـرها في كتب وكتيّبات بالإضافة إلىٰ نشـرها علىٰ مواقع الانترنت وصفحات التواصل الاجتماعي التابعة للمركز.
بالإضافة إلىٰ النشاطات الثقافيَّة والإعلاميَّة الأُخرىٰ التي يقوم بها المركز من خلال نشـر التصاميم الفنّية وإقامة مجالس العزاء وعقد المحاضرات والندوات والمسابقات العلميَّة والثقافيَّة التي تثرىٰ بفكر أهل البيت (عليهم السلام) وغيرها من توفيقات الله تعالىٰ لنا لخدمة الإمام المظلوم أبي محمّد الحسن المجتبىٰ .
وهذا الكتاب الذي بين يديك عزيزي القارئ هو أحد تلك الثمار التي أينعت والتي لا تهدف إلَّا إلىٰ بيان شخصيَّة الإمام الحسن المجتبىٰ بكلِّ أبعادها المضيئة ونواحيها المشـرِقة، ولرفد المكتبة الإسلاميَّة ببحوث ودراسات عن شخصيَّة الإمام الحسن المجتبىٰ.
والجدير بالذكر أن هذه الطبعة الجديدة لهذا الكتاب تعد الطبعة الثانية له، حيث طبع في طبعته الأولى عام 1434هـ- 2013م، وكان يقع في 56 صفحة من الحجم الوسط.