|
|
إن دخول المرأة في العمل السياسي كان وما يزال وسيبقى موضوعاً للجدل على المستوى الفقهي، ونظراً لتعدد الآراء الفقهية حول مسألة أهلية المرأة للعمل السياسي، وميل كثير من الفقهاء إلى عدم لأهلية من الناحية الشرعية، يأتي رأي المرجع الديني الشيخ الفياض بأهلية المرأة لتولي رئاسة الدولة وكافة المناصب الأخرى ليتيح للمرأة العمل واسعاً في مختلف مجالات العمل السياسي والاجتماعي في وقتنا المعاصر.
وقد امتازت آراء المرجع الفياض بالعمق الفقهي، والوضوح في بيان الرأي الشرعي بجرأة خصوصاً في بعض المسائل الحرجة في فقه المرأة، كتولي المرأة رئاسة الدولة فضلاً عن المناصب الأخرى.
وتأتي أهمية هذه الآراء الفقهية المتميزة أنها صادرة عن أحد كبار المراجع المعروفين في النجف الأشرف، وهو آية الله العظمى الشيخ إسحاق الفياض (دام ظله)، والذي يعد أحد المراجع الأربعة الكبار في حوزة النجف الأشرف.
ويتناول هذا الكتاب - باختصار شديد - مجموعة من المحاور المهمة، وهي:
1- المرأة في النصوص الدينية.
2- المرأة والوظيفة.
3- المرأة وفريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
4- المرأة والحقوق العامة.
5- المرأة وحق الترشيح والترشح.
6- المرأة ورئاسة الدولة.
7- المرأة وتولي القضاء.
8- المرأة والمشاركة في المجتمع المدني.
وقد ختم الباحث في شؤون الفكر الإسلامي الشيخ الدكتور عبدالله اليوسف كتابه بملاحظات واستنتاجات حول ما تناوله الكتاب من أفكار وآراء حول حقوق المرأة السياسية والاجتماعية.
ومن أهم هذه الاستنتاجات: إن الإسلام أعطى للمرأة كافة الحقوق المعنوية والمادية، واحترمها كإنسان كامل الإنسانية، وأعلى من مكانتها، ورفع من قدرها، بخلاف ما تسوق له الدعاية الغربية من ظلم الإسلام للمرأة، أو التقليل من شأنها ومكانتها.
ومنها: إنه اتضح من خلال استعراض آراء الشيخ الفياض الفقهية حول المرأة أن الإسلام أتاح للمرأة أن تمارس كل حقوقها السياسية وغيرها إلا ما خرج بالدليل، فلها الحق في الترشح والترشيح، ولها الحق في تولي المناصب الرفيعة في الدولة وغيرها.
ومنها: إن المرأة بإمكانها أن تكون عضواً فعالاً في المجتمع من خلال مشاركتها في مؤسسات المجتمع المدني، وتقديم خبراتها العلمية والعملية في بناء الدولة والمؤسسات الأهلية، والعمل في مختلف المجالات التي تتناسب مع طبيعة تركيبتها الأنثوية كما أوضح ذلك المرجع الشيخ الفياض.
ومنها: إن بعض النصوص الدينية التي يستند إليها المانعون من ممارسة المرأة للعمل السياسي والمهني والاجتماعي ناتج من فهم بعض الآيات الشريفة في غير سباقها ودلالتها، أو للتمسك بأحاديث لم يثبت صحتها، أو في حالة اعتبارها تنظر إلى زاوية أخرى كما تبين من أجوبة المرجع الديني الشيخ الفياض لبعض النصوص الدينية التي قد يًفهم منها أنها تقلل من مكانة المرأة، وتمنع من عملها السياسي والاجتماعي، وهذا يعني أن فهم النصوص الدينية بصورة صحيحة ودقيقة، وعدم تحميلها ما لا تحتمل، وعدم صرفها عن دلالتها وسياقها مهم جداً لاستنطاق النصوص ومعرفة الأحكام.
ومنها: إن على المرأة المسلمة المعاصرة أن تمارس حقوقها المشروعة عملياً، وأن تهتم بقضايا الأمة الكبرى، وأن تكون حاضرة في العمل الاجتماعي المشروع، وأن لا تنشغل بالقضايا الثانوية عن القضايا المهمة، وأن لا تغرق في القشور والزخارف عن بناء العقل، وتنمية الفكر، وأن ترتقي إلى مستوى التحديات الراهنة التي تواجهها المرأة المسلمة، وتعمل على تجاوزها.
وأنهى المؤلف استنتاجاته بالقول: تتميز أجوبة الشيخ الفياض بأنها توضح بجلاء فلسفة الأحكام، وتجلية المفاهيم الدينية، ولم تقتصر على الإجابة بالحلية أو الحرمة، وإنما تمزج ذلك بشيء من الاستدلال الصناعي، وبيان فلسفة الأحكام، وتوضيح المفاهيم الإسلامية بما يرفع اللبس الذي قد وقع فيه البعض من قبيل: مفهوم قيمومة الرجال على النساء، ومفهوم الولاية العامة... وغيرها مما اتضح بيانه من خلال استعراض آراء الشيخ الفياض حول موقع المرأة في الرؤية الإسلامية.