حوار مع مجلة المنهل
محرر الموقع - 12 / 11 / 2010م - 7:57 م

• في البدء نود من الأستاذ عبداللّه اليوسف أن يعطينا وجهة نظره حول موضوع ثقافة بناء الشخصية الإسلامية، هل ترى أن لهذا الجانب اهتماماً من قِبل الجهات المعنية والمؤسسات الثقافية في وطننا العربي والإسلامي، بحيث يتناسب هذا الاهتمام وروح العصر مع ما فيه من تنافس حضاري بين الشعوب للسيطرة وتقدم الأمم؟
 إن بناء الشخصية المسلمة مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالعملية التربوية والتعليمية، كما أن للمؤسسات الثقافية والعلمية دوراً مؤثراً في صياغة شخصية الإنسان سواء كان ذلك بالاتجاه السلبي أو الإيجابي، وعندما نريد أن نتحدث عن دور المؤسسات الثقافية والجهات المعنية ببناء الإنسان في الوطن العربي والإسلامي فلابد من التفريق بين منهجين: الأول: المنهج العلماني.. والذي يتبنى الفكر المادي الغربي، هذا المنهج يعمل على بناء الإنسان وفق المعايير والنظم التربوية والتعليمية العلمانية. والثاني: المنهج الإسلامي.. ويرتكز على تبني الرؤية الإسلامية في العملية التربوية والتعليمية والثقافية.
ولا يخفى على أحد من المراقبين أن غالبية المؤسسات الثقافية والتربوية في العالم الإسلامي تتبنى الخيار الأول، وهي حالة تعكس مستوى التغرب والاستلاب الثقافي الذي نعاني منه كأمة إسلامية، ولهذه المؤسسات والمراكز الثقافية دور في بناء الإنسان بالاتجاه السلبي، وأقصد بذلك صياغة الشخصية المسلمة وفق نظم تعليمية وتربوية غربية بعيدة كل البعد عن هويتنا الإسلامية وتراثنا الحضاري، وهو ما يشكل أزمة في ميدان الأهداف التربوية، مما أدى إلى أن يعيش المسلم تناقضاً بين انتمائه العقدي والفكري، وبين الأطر الثقافية والعلمية والتربوية التي تُعطى إليه ضمن المناهج التعليمية في المدارس والمعاهد والجامعات.
من جهة أخرى يوجد في العالم الإسلامي بعض المؤسسات التعليمية والمراكز الثقافية التي تتبنى الخيار الإسلامي في العمل التربوي والثقافي والعلمي، ومع أنها تقوم بدور هام فيما يختص بتنمية الإنسان وبناء ذاته، لكنها بحاجة مستمرة إلى تطوير مناهجها، ومراجعة برامجها، كي تستطيع القيام بإعداد جيل مسلم ملتزم وقادر على العمل والعطاء والإنتاج ضمن المسؤولية الشرعية، والضرورة الحضارية لوجود الكائن الإنساني على هذه الأرض، وعندئذٍ يمكن القول أن الجيل المسلم المتعلم والملتزم قادر بجدارة ليس فقط للمنافسة الحضارية بل للتفوق في الميدان الحضاري كما كان الجيل المسلم الأول الذي استطاع بناء حضارة إسلامية عظيمة في فترة زمنية قياسية.
• الثقافة الإسلامية الأصيلة هي الميزة الأساسية في أسلوبكم الكتابي، وهذا هو المطلوب من كل كاتب إسلامي يلتزم بتعاليم دينه العظيم، ما هو رأيكم فيمن يرفض هذا الأسلوب بحجة أنه أسلوبٌ وعظيّ ومستهلك، وليس فيه من الإبداع شيء؟
 كما أشرتم في سؤالكم فإن المطلوب من كل كاتب إسلامي هو أن يكون ملتزماً بتعاليم وقيم دينه، وأن يستمد منهجه الفكري والمعرفي من خلال القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، ومن المؤسف حقاً أن نرى بعض الكتاب المسلمين يستدلون بكل شيء في كتاباتهم ما عدا القرآن والسنة، وهذا إن دلَّ على شيء فإنما يدل على ابتعاد أمثال هؤلاء عن الدين، وعن القرآن والسنة، فهم لا يرون أية أهمية تذكر في أن يستدلوا بالقرآن والسنة، في حين يدعمون أراءهم بأقوال علماء الشرق والغرب ويعتبرونها حجة على غيرهم!
أما اعتبار من يستدل في كتبه بالنصوص الدينية وبأصول الثقافة الإسلامية بأنه أسلوب وعظيّ ومستهلك، فهذا القول مجانب للصواب، إذ أن أسلوب أي كاتب إنما يعتمد على هدفه من الكتابة، فإن كان الكتاب موجهاً إلى الجانب الروحي من الإنسان فلا ضير في أن يكون الأسلوب وعظياً، لأنه في هذه الحالة سيكون التأثير أقوى، ولكن ينبغي في هذه الصورة أيضاً أن يُدَّعم الكتاب بالحقائق العلمية، أما إذا كان الكتاب علمياً ويتناول قضايا علمية بحتة، فهنا يجب أن يكون الأسلوب علمياً مع تدعيمه بالمفاهيم الإسلامية، وحين يكون الحديث عن بناء الإنسان فلابد من المزاوجة بين النصوص الدينية في التربية والتعليم وحقائق العلم، وهذا ما اعتمدته في كتبي وبالذات كتاب (( الشخصية الناجحة )) وكتاب (( الصعود إلى القمة )).
أما عن الإبداع في الكتابة فيمكن أن يحدث في أي أسلوب، وبأي اتجاه، فحتى في الأسلوب الوعظي -إن صح التعبير- يمكن الإبداع، فمخاطبة نفس الإنسان وروحه بحاجة إلى إبداع، وبالذات في هذا العصر، وإلا فلن يكون له تأثير يذكر، فالإبداع قد يكون في طريقة عرض الأفكار، وقد يكون في منهجية الكتابة، وقد يكون في المحتوى والمضمون، وأنا شخصياً مع الإبداع في التأليف من جميع جوانبه سواء كان ذلك في الأسلوب أو المضمون.

• كثير من النظريات الثقافية في حركة أي مجتمع إنساني والمستقاة من الفكر الغربي، يتشدق بها أصحاب الاتجاه الانفتاحي مدَّعين بذلك (( العالمية )) و (( الكونية )) في الفكر والثقافة والأدب، بينما قد تكون بعض أو جلّ هذه النظريات منافية للفكر الإسلامي، ما هي مرئياتكم حول هذا الموضوع؟
 للإجابة على هذا السؤال المهم لابد من تسجيل النقاط التالية:
1 - إن العلم النافع يشمل الوحي السماوي المنزل، والعلم البشري المكتسب، وتراث الإنسان الموروث، فأي علم لا يتنافى مع الدين ينبغي الاستفادة منه، فقد قال النبي : (( اطلبوا العلم ولو بالصين )).
وثمة حقيقة يجب التأكيد عليها وهي: ليس كل علم أو فكر يأتي من الغرب هو مناقض للإسلام ومخالف له، إذ علينا أن نميز بين العلم الذي يتناقض مع الإسلام وهذا ما يجب أن نرفضه ونعمل على تنقية المناهج التعليمية في العالم الإسلامي منه، وبين العلم القطعي والذي لا علاقة له بالأديان ولا بالسلوك، كالعلوم الطبيعية وهذا ما يجب الاستفادة منه.
2 - إن غالبية النخب المتعلمة في العالم العربي والإسلامي -وخصوصاً ذات المستوى التعليمي العالي- قد تأثرت بالحضارة المادية الغربية، وهي تطالب وتعمل على نقل النماذج والمناهج الغربية وتطبيقها في العالمين العربي والإسلامي، وهذا من أكبر الأخطاء في الحقل التعليمي والتربوي، إذ إن لكل مجتمع خصوصياته وظروفه الاجتماعية والثقافية والعقدية والفكرية.
وقد نجح المتغربون في بعض البلاد الإسلامية في نقل المناهج الغربية بما فيها من إلحاد وكفر إلى العالم الإسلامي، وأصبحت هي المناهج التي تدرس في المدارس والمعاهد والجامعات، وهذا شيء محزن ومؤسف للغاية. ومع أن المناهج الغربية ليس كل ما فيها أسود وسيئ، إذ فيها من العلم المفيد الشيء الكثير، ولكن يجب على القائمين بالحقل التربوي والتعليمي التمييز بين العلم النافع والعلم المضر، وبين الأدب والثقافة الإنسانية التي لا تتناقض مع فكر وأدب الإسلام، وبين الفكر والثقافة والأدب الذي يختلف ويتنافى مع فكر وثقافة الإسلام.
3 - نتيجة للانبهار المطلق بالغرب فإن أصحاب الاتجاه الانفتاحي المتغرب يتلقون كل ما هو غربي بالقبول والرضا بل والتقديس! في حين يعتبرون كل ما هو إسلامي رجعياً ومتخلفاً ومرفوضاً! وهنا يقع هؤلاء وأمثالهم في خطأ التعميم، وإصدار الأحكام بدون تثبت، إذ أنه في الغرب نفسه هناك مراجعات مستمرة لآراء مفكريهم، ففي الوقت الحاضر تقوم الدوائر التعليمية والتربوية في أوربا وأمريكا بمراجعة تراث وأفكار أمثال: ديوب، وسكنر، وفرويد وغيرهم مراجعة جذرية وشاملة، في حين أن بعض المؤسسات التعليمية والثقافية في عالمنا العربي والإسلامي لا زالت ومنذ ما يزيد على ثلاثين عاماً تعتمد على تراث المفكرين الغربيين على ما فيها من عيوب ونقائض، وكمثال على ما نقول: في عام 1958م وضع (( فيليب هـ. فينكس )) كتابه (فلسفة التربية) متأثراً بالمثالية القديمة، وفي عام 1982م نشرت ترجمته إحدى دور النشر العربية وقدمته للقراء على أساس أنه عمل علمي جديد، ويسد ثغرة تربوية مهمة!!
وتأسيساً على ما تقدم فنحن في حاجة ماسة إلى مراجعة كل المناهج التعليمية، وتأصيل القضايا الفكرية والثقافية والعلمية، وأسلمة العلوم والمعارف الإنسانية، وهذا هو الطريق الصحيح والأقصر نحو التقدم والنجاح والتطور.
• في مجال التربية وتهذيب السلوك الإنساني لدينا الكثير من التعليمات الدينية المستقاة من القرآن الكريم وسنة الرسول ، ترى هل هناك منهجية معينة في العملية التربوية؟ وما ملامحها العلمية وحدودها المعرفية؟ وبمعنى آخر ما هي نظريتنا الإسلامية في (( التربية )) كعلم، و (( العمل التربوي )) كتطبيق؟
 هذا سؤال في غاية الأهمية، ولكن الإجابة عليه تتطلب المزيد من الشرح والتوضيح والتفصيل بما لا يتسع له مجال هذه المحاورة، ولكن يمكنني الإجابة على هذا السؤال كرؤوس نقاط، وباختصار شديد أقول:
إن الإسلام يحمل فلسفة شمولية تجاه الإنسان والكون والحياة، وباعتبار أن تربية وتهذيب الإنسان وبناء شخصيته يمثل المحور الأساس للبناء الحضاري، فقد اهتم الإسلام كثيراً بالعملية التربوية على أساس أنها الخطوة الأولى نحو بناء الإنسان بناءً محكماً ومتوازناً وواعياً، بهدف بناء الإنسان الصالح كي يقوم بدوره في الأرض كمستخلف عليها، ويعمل من أجل الآخرة كي يفوز بجنة عرضها السموات والأرض، وهذا ما لا يحققه التعليم العلماني القائم على المناهج والرؤى المادية فقط.
وأستطيع أن أحدد ملامح المنهجية الإسلامية في علم التربية والتعليم بالتالي:
1 - الإيمان الصادق: يلعب الإيمان دوراً أساسياً ومحورياً في صياغة الشخصية المسلمة، فالإيمان يزرع في قلب الإنسان الطمأنينة والهدوء والسلوك القويم، كما أنه يؤدي إلى التوازن بين الرجاء والخوف، والعقل والعاطفة، والنفس والجسم، كما أن الإيمان يقوي في الإنسان كل مقومات النجاح والتفوق، وقد شرحت ذلك في كتابي (الصعود إلى القمة) بالتفصيل.
2 - العلم المفيد: ونعني به كل علم فيه فائدة للإنسان والمجتمع والأمة سواء في الدنيا أو الآخرة، إذ أن مجالات العلم المفيد تشمل الوجود كله، سواء كانت مادية أو معنوية، ولذلك يحث القرآن الكريم الناس في كثير من آياته الشريفة على النظر والتأمل والتفكر في الوجود والكون.
وتهدف العملية التربوية في الإسلام إلى التحلي بالعلم واكتسابه وذلك انطلاقاً من القيمة الذاتية للعلم، والضرورة الحياتية والإنسانية والحضارية.
3 - تربية العقل: العقل أكبر نعمة على الإنسان، وقد نص القرآن الكريم وكذلك السنة على ضرورة إعمال العقل، والاستفادة منه في الأمور النافعة، ومن ثم فإن تربية العقل وبناءه يشكل قاعدة مهمة في بناء الشخصية المسلمة.
والقدرات العقلية عند الإنسان كثيرة، منها: قدرة الإدراك، قدرة التفكر والتفكير، قدرة التأمل والنظر، قدرة التذكر والحفظ.. وهذه كلها مرتبطة بالعقل، وقد ركز الإسلام على أهمية تنمية هذه القدرات وبنائها، وتوظيفها في كل ما يخدم الإنسان والمجتمع والأمة والحضارة.
4 - الأخلاق الفاضلة: وهي من أهم الأسس في العملية التربوية ومنهجيتها، إذ كثيراً ما تركز التعاليم الدينية على القيم الأخلاقية، وهي إطار التربية الإسلامية، بل يمكن القول إن التربية الإسلامية في جميع أبعادها تربية أخلاقية تهدف إلى بناء الإنسان الصالح، ويكفي أن نعلم أن نبينا محمد بن عبداللّه قد اعتبر أن الهدف من بعثته هو تعميق القيم الأخلاقية عند الأفراد والمجتمعات، حيث قال : (( إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق )).
5 - العمل الصالح: وهو هدف مهم في منهجية العملية التربوية في الإسلام، إذ هو بالإضافة إلى ضروراته الحياتية، يمثل وسيلة من وسائل النجاح في الآخرة، وقد أكد الإسلام كثيراً على أهمية العمل، ففي القرآن الكريم وردت كلمة (( العمل )) ومشتقاتها نحو (360) مرة، مما يؤكد ضرورة العمل في التصور الإسلامي، وأنه لابد من تلازم العلم والعمل، إذ لا قيمة للعلم بدون عمل، ولا للعمل بدون علم وإيمان وأخلاق.
هذه هي أهم الملامح العلمية للمنهجية الإسلامية في العملية التربوية، أما عن العمل التربوي كتطبيق فهذا يعني الحديث عن وسائل وآليات العمل التربوي، ومع قناعتنا التامة بوجود الأبنية الفكرية والتربوية في نطاق العقيدة والشريعة، والمعاملة والسلوك والأخلاق، والفكر والمعرفة، وهي ما يمكن تسميته بمكونات الفلسفة التربوية في الإسلام، فإن الوسائل والآليات في العمل التربوي تخضع للمتغيرات في الزمان والمكان، ومن المهم أن يقوم المتخصصون في حقل التربية والتعليم بإبداع وابتكار كل وسيلة وآلية مفيدة ونافعة في العمل التربوي، كي تتحقق أهداف التربية الإسلامية في بناء الشخصية المسلمة.
• في أسلوبكم الكتابي اتخذتم أيضاً منهجية تجمع بين أسلوب الكاتب الغربي دايل كارنيجي من حيث استخدامه أساليب التشويق بالقصص والطرائف والمعلومات الخفيفة والمفيدة، وكذلك أسلوب الكشكول العربي المستفاد من تراثنا الحضاري ومصنفات علماء الإسلام ومفكريه، ترى ما هو السر في ميلكم إلى هذه المنهجية في كتابَي (الشخصية الناجحة) و (الصعود إلى القمة)؟
 أسلوب الكتابة يتطور كما يتطور أي شيء في الحياة، ولذلك نجد أن أسلوب الكتابة عند الأقدمين يختلف عمن جاء بعدهم، وأسلوب الكتابة عند المعاصرين يختلف عمن قبلهم، ويمكن القول أن لكل مرحلة زمنية أسلوبها الكتابي المختلف والمتطور، وهذا شيء طبيعي، إذ أن التطور يخضع لمتغيرات الزمان والمكان، وهو شيء تراكمي، فالأجيال اللاحقة تستفيد ممن جاء قبلها، وهكذا يتطور الإنسان في كل شيء، وتتطور البشرية في مسيرتها.
ومن جهة أخرى فإني أظن أن لكل كاتب جيد أسلوبه الخاص به، أما استخدام أساليب التشويق والترغيب بالقصص والطرائف والمعلومات الخفيفة والمفيدة، وكذلك الأشعار الجميلة والحكم القصيرة فأتصور أن هذا الأسلوب يجذب القارئ نحو الكتاب، ويجعله يتفاعل معه، وينسجم مع أفكاره، وهذا هو الأسلوب الذي اتبعته في كتبي، بحيث أن القارئ لا يمل من قراءة الكتاب، ولا يبتعد عنه، وهذا ما نجحت فيه إلى حد كبير كما علمته من خلال عشرات الرسائل التي وصلتني بالبريد من مختلف أنحاء الوطن العربي، وكذلك عبر الاتصال المباشر بالقراء الكرام.
وثمة ملاحظة مهمة وهي: أنه ينبغي التفريق بين الأسلوب في الكتابة والمحتوى والمضمون، فما يختص بأسلوبي في الكتابة فقد أوضحته، أما عن المحتوى والمضمون فقد اتبعت منهجية تجمع بين الارتكاز على تراثنا العلمي والحضاري من جهة، ومن جهة أخرى تدعيم ذلك بالحقائق العلمية الثابتة، وبتعبير آخر المزاوجة بين الأصالة والمعاصرة، بين النصوص الدينية الصحيحة، وحقائق العلم الثابتة.
• ما هي برأيك الأسس والقواعد التي ينبغي التركيز عليها لبناء الشخصية الإسلامية لتصبح بعد ذلك قوية تحمل مقومات المواجهة والانطلاق للمستقبل المشرق؟
 أعتقد أن الجواب على هذا السؤال موجود من خلال الاطلاع على كتاب (الشخصية الناجحة) وكتاب (الصعود إلى القمة) حيث تناولت فيهما ما يرتبط بالأسس والقواعد والعوامل والمرتكزات الأساسية في بناء الشخصية المسلمة.
ففي كتاب (الشخصية الناجحة) تحدثت عن معايير الشخصية الناجحة، ومقومات النجاح وقواعده وأسراره ولوازمه الأساسية. ففي الفصل الأول من الكتاب تناولت مقومات النجاح وهي: الثقة بالنفس - الإرادة القوية - الطموح اللا محدود - النشاط المتواصل. ويتناول الفصل الثاني: قواعد النجاح. أما الفصل الثالث: فتناولت فيه عوامل النجاح الاجتماعي. وفي الفصل الرابع تحدثت عن: الصحة والنجاح. أما الفصل الخامس فيتناول: الثقافة والنجاح. أما الفصل السادس والأخير فهو عن: النجاح والفشل.
أما كتاب (الصعود إلى القمة) فيتحدث الفصل الأول فيه عن: قواعد التفوق وهي ثلاث قواعد:
1 - عود عقلك الإنتاج
2 - مارس رياضة التفكير
3 - تزود بنور العلم

أما الفصل الثاني فهو عن: أقصر الطرق إلى القمة، ويتناول سبع طرق للوصول إلى القمة. وفي الفصل الثالث تناولت فيه موضوعاً مهماً وهو بعنوان: كيف تصبح عظيماً؟! وتحدثت فيه عن سبع قواعد للوصول إلى تلك الغاية. أما عن الفصل الرابع والأخير فهو بعنوان: الحقائق تتكلم.. وفي هذا الفصل تحدثت عن عدد من النوابغ والعباقرة والعظماء.. كيف كانت بداية حياتهم.. كيف استطاعوا الوصول إلى القمة.
وأظن أنني من خلال هذين الكتابين قد أوضحت الأسس والقواعد التي ينبغي التركيز عليها لبناء الشخصية الإسلامية القادرة على العطاء والعمل والإنتاج في جميع الميادين والحقول.
• ألا ترى أن الصراع الحضاري في العالم بما فيه من تحديات متنوعة تقف عائقاً في طريق الشخصية المسلمة؟ فأين ما توجهت ترى إعلاماً مضاداً كالفضائيات المنحرفة، والمجلات الإباحية، والشعارات الانحلالية التي تظهر بين فترة وأختها في الدول الغربية حتى انتقلت عدواها في بعض الدول العربية وللأسف الشديد؟ وما هو الحل بالنسبة للشخصية المسلمة لتحدي هذه العقبات؟
 لا يختلف اثنان في وجود تحديات كثيرة ومتنوعة في طريق الشخصية المسلمة، ولكن في نفس الوقت من الممكن تجاوز تلك التحديات بمزيد من الإرادة الصلبة، والثقة بالنفس، وقوة الإيمان، ومنطق العلم، والمناعة الذاتية التي تحمي كل فرد منا من الأمراض الروحية والثقافية والفكرية.
وأتفق معك في أن الإعلام يلعب في عالم اليوم دوراً مؤثراً جداً في صياغة الرأي العام العالمي، وفي العمل على تغيير الأنماط السلوكية لدى بني البشر، وفي التبشير بأفكار ورؤى وفلسفات تتناقض تماماً مع الفكر الإسلامي الأصيل.
ويغلب على الإعلام الغربي، وكذلك بعض القنوات الفضائية العربية -وللأسف الشديد- الترويج للفساد والانحراف والانحطاط، والعمل على تدمير البنية الأخلاقية والمنظومة القيمية للإنسان المسلم، مما يشكل تحدياً خطيراً لثقافتنا وهويتنا الإسلامية الحضارية، كما أنه يشكل تحدياً كبيراً أمام بناء الشخصية المسلمة، ويكمن الحل في نظري في مواجهة ثقافة الصورة بنفس الوسيلة، فإذا كنا نخشى على أجيالنا المسلمة من تأثيرات الإعلام المنحرف، فلابد من إيجاد البدائل عبر قنوات فضائية إسلامية جادة بحيث تستطيع اجتذاب الشباب المسلم، والتأثير فيه إيجابياً، فلا يمكن مواجهة الإعلام المنحرف إلا بالإعلام الهادف والملتزم.. هذا أولاً.
وثانياً: تربية الشباب تربية إسلامية، والعمل على غرس الفضائل الأخلاقية في نفوسهم، واستخدام آليات ووسائل تربوية حديثة قادرة على خلق التفاعل بين الإنسان المسلم وواقعه المعاش، بحيث يكون لدى الشخصية المسلمة الوازع الديني الذي يمنعه من مشاهدة وقراءة وسماع الأشياء المحرمة.
وثالثاً: تحصين الشباب عبر تثقيفهم عقائدياً وفكرياً وثقافياً، ويمكن تحقيق ذلك عبر الاستفادة من المدرسة والجامعة والمسجد والمنزل.. إلخ.
وبهذه الخطوات يمكن لنا أن نحمي أجيالنا المسلمة من مخاطر الإعلام الفاسد والمنحرف، كما أنه يمكننا من خلال إيجاد إعلام إسلامي هادف أن نساهم في بناء الشخصية المسلمة.
• ونحن في بلادنا (المملكة العربية السعودية) نلاحظ أن الدولة لم تأل جهداً في إنشاء المدارس والجامعات والمعاهد على صعيد التعليم، وكذلك الأندية الرياضية والأندية الأدبية على صعيد رعاية الشباب.. إلخ.. هذه المنشآت التي تعنى ببناء الشخصية بناءً يخدم المواطن نفسه والأسرة والمجتمع والأمة والوطن.. هل ترى أن هذه المنشآت يمكنها وحدها أن تبني شخصية مسلمة أم أن هناك مسؤولية أخرى يتحملها الفرد نفسه لإتمام بناء شخصيته بعد الاستفادة من جميع الإمكانيات التي توفرها الدولة؟
 بناء الشخصية المسلمة بناءً متوازناً وصحيحاً يتطلب تضافر عدد من العوامل يؤدي تكاملها إلى بناء الشخصية البناء المطلوب.
ومما لاشك فيه فإن توافر المدارس والمعاهد والجامعات على صعيد التعليم قد خلق جيلاً متعلماً في بلادنا العزيزة، كما أن الأندية الرياضية تقوم بدور هام في بناء الإنسان القوي، وكما تقول الحكمة المشهورة (( العقل السليم في الجسم السليم )) ، وكذلك تقوم الأندية الأدبية بتقوية الحركة الأدبية والثقافية في بلادنا عبر طباعة الكتب ونشرها وإقامة الأمسيات الشعرية والثقافية والأدبية وهي جهود تساهم في تفعيل مسار العلم والأدب والثقافة في مجتمعنا.
ولكن يبقى أيضاً مسؤولية الفرد نفسه تجاه بناء ذاته، فالإنسان كفرد مسؤول عن نفسه، وعن تنميتها وتربيتها وتهذيبها، فبدون أن يكون لدى الإنسان الرغبة والإرادة الذاتية في تنمية ذاته، والوصول بها إلى سلم المجد والعلياء، لن يستطيع أي أحد القيام بهذا الدور نيابة عنه.
وثمة نقطة يجب الإشارة إليها والتنبيه عليها وهي: أن عملية البناء الذاتي للإنسان عملية مستمرة ومتواصلة، ولا تنتهي بنهاية الدراسة عند الإنسان، ومن ثم، فلابد من أن يكون لدى الإنسان المسلم إرادة التقدم والنجاح من جهة، ومواصلة الرياضة النفسية من جهة أخرى، ومن جهة ثالثة مواصلة التثقيف الذاتي لأن العلم بحر لا ساحل له، كي يجمع بين تربية الروح، وتقوية الجسم، وتنمية العقل، وبهذه الأبعاد الثلاثة يتكامل البناء، بناء الشخصية المسلمة.

01/05/1420
اضف هذا الموضوع الى: