الشيخ اليوسف: لنتعلم من الإمام الكاظم العمل والفاعلية في كل الظروف ويدين استهداف زواره الأبرياء
محرر الموقع - 12 / 11 / 2010م - 7:57 م
أدان سماحة الشيخ الدكتور عبدالله أحمد اليوسف الهجمات والتفجيرات التي استهدفت زوار الإمام موسى الكاظم ( عليه السلام) بالعراق، معتبراً أن قتل الإنسان، أي إنسان، وإن كان كافراً بغير حق يعد من الكبائر والموبقات الكبيرة التي تدخل صاحبها في النار، لقوله تعالى: ﴿وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً النساء93، وقوله تعالى: ﴿وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالحَقِّ الإسراء33، ويعتبر القرآن الكريم أن قتل شخص واحد يساوي في الجريمة قتل الناس جميعاً؛ لقوله تعالى:﴿ مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً المائدة32
وأضاف سماحته قائلاً: إن من يمارس القتل والإرهاب ضد الأبرياء أناس مجرمون، ويعتنقون فكراً ضالاً ومنحرفاً، وهو امتداد لفكر الخوارج الذين كفروا الإمام علياً ( عليه السلام) وقاموا باغتياله في محرابه في شهر رمضان الكريم. مستغرباً في الوقت نفسه السكوت المطبق تجاه الأعمال الإرهابية التي تطال الأبرياء من المسلمين في غير مكان، ومطالباً العلماء والقادة بالوقوف بحزم تجاه من يقوم باستهداف الناس الأبرياء.
وأشار سماحة الشيخ الدكتور عبدالله اليوسف في كلمته ليوم الجمعة 26 رجب 1431 هـ الموافق 9 يوليو ( تموز ) 2010م في مسجد الرسول الأعظم ( صلى الله عليه وآله) بالحلة بمحافظة القطيف إلى أهم صفات الإمام الكاظم( عليه السلام) ، وهي الحلم وكظيم الغيظ مصداقاً لقوله تعالى:﴿ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ آل عمران134 فقد كان (عليه السلام) يقابل الإساءة بالإحسان، والجفاء باللين، والاستفزاز بالهدوء، والانفعال بالعفو والصفح.
ثم تحدث الشيخ اليوسف عن أهم الأدوار والأنشطة التي قام بها الإمام الكاظم ،( عليه السلام) والتي من أهمها: العطاء العلمي والفكري، حيث قام الإمام بنشر العلوم والمعارف الدينية، وتعليم وتربية عدد من الفقهاء والرواة والعلماء الذين كان لهم فيما بعد أدوار مهمة في التأليف والتصنيف، والمناظرة والحوار العلمي كهشام بن الحكم الذي كان متعمقاً في علم الكلام، وصفوان بن يحيى السابري والحسن بن محمد بن سماعة الكندي حيث بلغت مصنفات كل واحد منهم ثلاثين مؤلفاً.
وقام الإمام الكاظم ( عليه السلام) بتأسيس مدرسة علمية رغم الضغوط التي واجهها الإمام وقد بدأ الإمام بإلقاء الدروس والمحاضرات فيها، ورواية الأحاديث والنصوص في فنون معرفية مختلفة: كالفقه والتفسير والحديث والعقائد والأخلاق، وانخرط في هذه المدرسة العلمية عدد غير قليل من الطلبة وحملة الحديث حتى من أتباع المذاهب الإسلامية الأخرى. وقد تخرج من مدرسة الإمام الكاظم العلمية أكثر من ثلاثمائة عالم وهم مسلحون بالعلم والمعرفة والوعي.
ثم ركز سماحة الشيخ الدكتور عبدالله اليوسف على دور الإمام الكاظم في تأصيل الوعي العقائدي، وبيان المسائل العقائدية وفق منهج أهل البيت، ورد الشبهات والإشكاليات التي كانت تثار من قبل الفرق المنحرفة، وأصحاب الآراء المناقضة لفكر أهل البيت المستنير.
وقد سعى المنحرفون عقائدياً إلى تشويه العقائد الحقة بعقائد إما محرَّفة أو مختلقة أو خاطئة، لكن أئمة أهل البيت (عليهم السلام) بذلوا جهوداً كبيرة في بيان العقائد الصحيحة، وأصبحت راسخة - بفضل جهاد أهل البيت - في عقول وقلوب الأجيال المتعاقبة، وأصبحت من التجذر بحيث لا يوجد أي خوف حقيقي اليوم من التأثر بالدعايات المغرضة، والإشكاليات المثارة، وإن كانت الحاجة مستمرة لصياغة عقائدنا بما يتناسب مع لغة العصر وثقافته لكي يفهمها الأجيال المعاصرة بصورة عميقة.
وفي ختام كلمته ركز سماحته على خاصية التأثير في شخصية الإمام الكاظم وقدرته على التغيير، فعندما أرسل إليه هارون جارية في غاية الجمال تحت عنوان خدمة الإمام في السجن، وليفتتن بها الإمام كما ظن هارون حتى تكون مستمسكاً ضده، حولها الإمام (عليه السسلام) إلى امرأة عابدة وملتزمة بخط أهل البيت وعندما أودع السجن عند السندي بن شاهك استطاع الإمام ( عليه السلام) أن يؤثر على شقيقة السندي و حفيده ليتحولا إلى خط أهل البيت، وفي هذا درس معهم لنا كي نتعلم من الإمام ممارسة التغيير وامتلاك خاصية التأثير، حتى في أصعب الظروف. فهذه صفة من صفات الأئمة والأولياء والمصلحين على طول التاريخ، فما من مصلح إلا ويمتلك الإرادة والعزيمة على تغيير الواقع المنحرف، وإحداث تموجات متتابعة حتى تسود القيم والأخلاق في المجتمع، بالرغم من كل الضغوط والمشاكل والعقبات التي تقف ـ غالباً ـ في طريق المصلحين والدعاة إلى الله، لكن في نهاية الأمر لا بد وأن تثمر تلك الجهود في تغيير البنية الاجتماعية نحو الأفضل والأحسن، ولا بد وأن تظهر ثمار ما زرعه المصلحون ولو بعد حين من الزمن.
27/7/1431
اضف هذا الموضوع الى: