في ندوة الخلافات الزوجية ضمن برنامج همسات لكلا الزوجين
الشيخ اليوسف: نشر الأسرار الخاصة يفسد الحياة الزوجية
سماحة الشيخ عبدالله اليوسف وهو يلقي كلمته بندوة (الخلافات الزوجية: الأٍسباب والحلول) بمسجد العباس بالربيعية 25 جمادى الآخرة 1432هـ
سماحة الشيخ عبدالله اليوسف وهو يلقي كلمته بندوة (الخلافات الزوجية: الأٍسباب والحلول) بمسجد العباس بالربيعية 25 جمادى الآخرة 1432هـ

       تحدث سماحة الشيخ الدكتور عبد الله اليوسف ليلة الأحد 25 جمادى الآخرة 1432هـ الموافق 28 مايو 2011م بمسجد العباس بالربيعية- تاروت ضمن برنامج همسات لكلا الزوجين الذي تنظمه جمعية تاروت الخيرية عن الخلافات الزوجية: الأسباب والحلول، مسلطاً الأضواء على أهم مسببات الخلافات الزوجية، وكيفية معالجتها، والتغلب عليها بهدف بناء حياة زوجية ناجحة ومستقرة ومتماسكة.

      واستهل سماحة الشيخ اليوسف محاضرته عن أهم أسباب الخلافات الزوجية بالحديث عن عدم الرضا الزواجي من أحدهما تجاه الآخر؛ إما لغياب الانسجام النفسي والعاطفي، أو لخيبة الأمل من الطرف الآخر، أو لعدم توافر المواصفات المطلوبة في فارس الأحلام، أو للمقارنات الخاطئة بالآخرين مما يخلق قناعة بعدم الرضا الزواجي بشريك الحياة. موضحاً أن علاج هذا العامل يكون من خلال حسن اختيار شريك الحياة، والرضا بما قسم الله تعالى، والابتعاد عن المقارنات غير الواقعية، والتكيف ما أمكن مع الشريك الآخر في الحياة الزوجية.

       ثم انتقل سماحة الشيخ الدكتور عبد الله اليوسف إلى السبب الثاني من أسباب الخلافات الزوجية، وهو عدم أداء الحقوق الزوجية؛ فالأسرة تقوم على حقوق وواجبات متبادلة، إذ يجب على كل من الزوج والزوجة القيام بواجباته، وتوفير الحقوق التي للطرف الآخر، فحقوق الزوج على زوجته تعتبر واجبات بالنسبة لزوجته يلزمها القيام بها، كما أن للزوجة حقوقاً على زوجها، وهي واجبات بالنسبة للزوج ويلزمه القيام بها.

       وتعيش الأسرة في راحة وسكون وسعادة عندما يقوم الزوجان بواجباتهما وحقوقهما تجاه بعضهما البعض، في حين أن الحياة الزوجية تتحول إلى شقاء وتعاسة عندما يقصر أحدهما عن القيام بواجباته تجاه الآخر.

       ومن حقوق الزوج على زوجته هو عدم خروجها من المنزل إلا بإذنه، وتمكين نفسها متى ما أراد الزوج ذلك إلا إذا كان هناك مانع شرعي يمنعها من القيام بواجباتها تجاه زوجها.

          ومن حقوق الزوجة على زوجها النفقة عليها حتى وإن كانت غنية، بل ويستحب له التوسعة على عياله، وهو الأمر الذي يؤدي إلى نجاح الحياة الزوجية، وبناء أسرة سعيدة ومتماسكة ومنسجمة.

         ثم أوضح سماحته أن غياب الاحترام والتفاهم بين الزوجين يعد من الأسباب التي تؤدي إلى الخلاف والشجار بينهما، وأن دوافع عدم الاحترام تنشأ من عقدة التفوق عند أحدهما، وغياب الأسلوب اللائق في التخاطب، والتحقير والإساءة التي تشعر الطرف الآخر بالدونية والنقص، وهو ما يدخل في دائرة العنف اللفظي، والذي من صوره أيضاً السب والشتم، والتلفظ بأقبح الألفاظ وأقذعها. كما أن العنف الجسدي كالضرب والحرق والركل والرفس...كلها أمور منهي عنها شرعاً وقانوناً، وتخلق جواً من السلبية في الحياة الزوجية.

        ولمعالجة هذا الأمر دعا سماحة الشيخ عبد الله اليوسف إلى تطبيق قاعدة (الاحترام المتبادل بين الزوجين )، وضرورة فهم كل طرف نفسية الطرف الآخر، ومعرفة ما يحبه ويسره، وما يغضبه ويثيره. كما أن استخدام الكلمات والألفاظ الجميلة لها أثر قوي في استمرار المحبة والمودة بين الزوجين. فقد روي عن رسول الله قوله: (( قول الرجل للمرأة: إني أحبك لا يذهب من قلبها أبداً )) فالحب الحقيقي والمتبادل بين الزوج وزوجته يقضي على حالات التوتر والتشنج في الحياة الزوجية. أما عندما يكون الحب من طرف واحد أو لا يكون أصلاً فأبسط خلاف بين الزوجين يتحول إلى عنف لفظي أو جسدي أو توتر عصبي أو صراخ وغضب وهيجان.

         وقد حذر الإمام الصادق المرأة من استخدام الكلمات القاسية بحق زوجها لأن ذلك يحيط عملها، فقد روي عنه قوله: (( أيما امرأة قالت لزوجها: ما رأيت قط من وجهك خيراً فقد حبط عملها )). ولذلك على الزوجة - كما الزوج - اجتناب أية ألفاظ جافة أو قاسية أو مؤذية حتى تستمر الحياة الزوجية في هدوء وسكون ومحبة ومودة مصداقاً لقوله تعالى: ﴿ وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً .

        ونبّه سماحة الشيخ الدكتور عبد الله اليوسف من خطورة العلاقات غير الشرعية أو المشكوك فيها على استمرار الحياة الزوجية، فبالإضافة على حرمتها، وأن الخيانة الزوجية من أعظم المحرمات، وأكبر الموبقات سواء كانت من قبل الزوج أو الزوجة، إلا أن سماحته أوضح من جهة أخرى إلى أهمية الابتعاد عن الشكوك غير العقلانية وسوء الظن لأنها تهدم الثقة بين الزوجين، وتؤذي في النهاية إلى انهيار العلاقة الزوجية.

         وأضاف سماحته قائلاً: إن من الضروري المصارحة والمكاشفة بين الزوجين، والابتعاد عن التصرفات التي تثير الريبة عند الطرف الآخر، وضرورة الحفاظ على الأسرار الزوجية من أجل الحفاظ على ديمومة الحياة الزوجية وعدم خرابها؛ بيد أن نشرها يفسد الحياة الزوجية ويهدمها.

        وشدد سماحة الشيخ اليوسف على أهمية الاهتمام بالتجمل والنظافة الداخلية والخارجية، لأن الإهمال عدو الجمال الطبيعي، فالجمال يذبل من الإهمال وعدم العناية به أكثر مما يذبل بسبب مرور السنين. والزوج يرغب في أن يرى زوجته في كل يوم وكأنها امرأة جديدة!

          ومن جهة أخرى اعتبر سماحة الشيخ الدكتور عبد الله اليوسف أن المشاكل الاقتصادية قد تكون من العوامل المهمة في الخلافات الزوجية، فعدم النفقة من قبل الزوج مع قدرته عليها، أو البخل في الإنفاق على العائلة، أو العجز عن القيام بالمتطلبات الأسرية، أو ممارسة الابتزاز والاستغلال المادي للمرأة العاملة، ومحاولة السيطرة على أموالها من قبل زوجها من دون رضاها، أو بالخداع والمكر...كلها أسباب تؤدي لفساد الحياة الزوجية وخرابها.

          مطالباً سماحته الأزواج بالقيام بواجبهم الشرعي بالنفقة على عيالهم، والتوسع في العطاء والبذل، فقد ورد عن الإمام السجاد قوله: ((أرضاكم عند الله أسبغكم على عياله)).

         وركز سماحة الشيخ اليوسف على أن من أهم العوامل في الخلافات الزوجية هو عدم الانسجام العاطفي والإشباع الجنسي، فعدم تلبية الرغبات الجنسية عند أحد الطرفين يؤدي إلى فتور العلاقة الزوجية وربما فسادها نهائياً، مشيراً إلى بعض الروايات التي تدعو المرأة لتمكين نفسها لزوجها متى ما أراد الزوج ذلك، فعن رسول الله قال: (( وتعرض نفسها عليه غدوة وعشية) ) وعنه أيضاً: (( أن تجيبه إلى حاجته وإن كانت على فتب )) فتمكين الزوجة نفسها لزوجها - إن لم يكن لها عذر شرعي - متى ما أراد، يزيد من التوافق والانسجام العاطفي والجنسي، وهو الأمر الذي يؤدي إلى نجاح الحياة الزوجية، وتعميق التوافق الزوجي.

          وفي ختام محاضرته دعا سماحة الشيخ اليوسف الجميع إلى الاهتمام بالثقافة الزوجية، وإتقان فن مهارات التوافق الزواجي والأسري، ومن المفيد الدخول في دورات تثقيفية في هذا الموضوع، وقراءة الكتب المتخصصة عن الحياة الزوجية، بما ينمي من الثقافة الزوجية، وفهم الحياة الزوجية بصورة أعمق وأنضج.

         مطالباً الرجال والنساء بإتباع منهج التسامح، والعفو والصفح عن الأخطاء، وعدم الالتفات إلى توافه الأمور، والتعامل مع الخلافات بروح رياضية، والابتعاد عن تضخيم السلبيات، والتركيز على الإيجابيات في شريك الحياة، واللجوء إلى أهل المشورة والاختصاص لحل الخلافات الزوجية عند الضرورة والحاجة لذلك، وعدم تركها تتراكم بما يؤدي إلى فساد الحياة الزوجية بعد فوات الأوان.

        وفي نهاية الندوة التي أدارها الأستاذ/ وديع آل حماد طرحت مجموعة من الأسئلة والمداخلات التي أجاب عنها سماحة الشيخ اليوسف بكل شفافية ووضوح وصراحة مما أثرى الموضوعات المطروحة للنقاش، وأضفى عليها المزيد من الحيوية والتفاعل الإيجابي.

سماحة الشيخ الدكتور عبدالله اليوسف أثناء إلقاء محاضرته سماحة الشيخ الدكتور عبدالله اليوسف أثناء إلقاء محاضرته
سماحة الشيخ الدكتور عبدالله اليوسف أثناء إلقاء محاضرته سماحة الشيخ الدكتور عبدالله اليوسف أثناء إلقاء محاضرته
سماحة الشيخ الدكتور عبدالله اليوسف أثناء إلقاء محاضرته سماحة الشيخ الدكتور عبدالله اليوسف أثناء إلقاء محاضرته
اضف هذا الموضوع الى:
التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
» التعليقات «1»
زهور
[1]
[ السعودية - الحلة-القطيف ]: 2 / 6 / 2011م - 6:56 ص
الله يوفق شيخنا والله يعطيه ألف عافية