مشيداً بمبادرة فعالية يوم إحياء بر الوالدين
الشيخ اليوسف: الإحسان إلى الوالدين واجب ديني وأخلاقي وإنساني
الشيخ عبدالله اليوسف متحدثاً إلى الحضور (أرشيف)
الشيخ عبدالله اليوسف متحدثاً إلى الحضور (أرشيف)

ابتدأ سماحة الشيخ الدكتور عبدالله أحمد اليوسف خطبته ليوم الجمعة 12 جمادى الأولى 1435هـ الموافق 14 مارس 2014م بالآية 23 من سورة اﻹسراء: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً متحدثاً عن البواعث الدينية والأخلاقية والإنسانية التي تدعو الإنسان للإحسان إلى الوالدين والبر بهما والتواضع لهما.

وبيّن سماحته أن الإحسان للوالدين في هذه الآية الشريفة تأتي بعدما أمر الله سبحانه وتعالى  بتوحيده وإخلاص العبادة له، والتوحيد الأصل الأول للدين، وفي هذا  دلالة كبيرة بعظم وأهمية البر بالوالدين والإحسان إليهما والوقوف بجانبيهما.

وأضاف سماحته قائلاً: إن النصوص متواترة ومتكاثرة في وجوب الإحسان للوالدين، فقد ورد عن الرسول الأكرم قوله: ((من سرَّه أن يُمَدَّ له في عمره ويزاد في رزقه فليبر والديه، وليصل رحمه ))، وعنه قال: (( رضا اللَّه في رضا الوالد، وسخط اللَّه في سخط الوالد ))، وعنه قال: (( الجنة تحت أقدام الأمهات ))، وعن أبي الحسن موسى قال: سأل رجل رسول اللَّه : ما حق الوالد على ولده؟ قال: (( لا يسميه باسمه، ولا يمشي بين يديه، ولا يجلس قبله، ولا يستسب له ))، وعن الإمام علي قال: (( بر الوالدين أكرم الطباع )) و (( بر الوالدين أكبر فريضة )).

وحث سماحته الشباب والفتيات على وجوب احترام آبائهم وأمهاتهم، وأن يعطفوا عليهم، ويساعدوهم، ويقدموا لهم كل دعم وعون ومساعدة، كما أن الوالدين بحاجة ماسة إلى عطف وحنان الأبناء عليهم؛ وخصوصاً عندما يصلان إلى مرحلة الشيخوخة المتأخرة.

وقال سماحته إن من المؤسف حقاً، بل المخجل؛ ما نراه ونسمعه من قصص يندى لها جبين الإنسانية من تصرفات بعض الشباب -غير الملتزم بآداب وأخلاق الدين- تجاه آبائهم وأمهاتهم من الإساءة إليهم، وعدم البر بهم. كما أن بعضهم يبتعدون عن آبائهم وأمهاتهم فلا يصلونهم، ولا يشعرون بأهمية الوقوف بجانبهم، والسؤال عن أحوالهم، وتقديم الدعم والعون إليهم. وهذا من سوء الأخلاق، بل هذا هو العقوق المنهي عنه شرعاً، فقد روي عن الرسول الأكرم قوله: (( من أحزن والديه فقد عقهما )) وعن الصادق قال: (( من العقوق أن ينظر الرجل إلى والديه فيحد النظر إليهما )).

ونوه سماحة الشيخ اليوسف إلى أن الإحسان للوالدين ليس محدوداً بوقت حياتهما؛ بل هو ممتد حتى بعد وفاتهما. وتكمن أهمية التنبيه إلى البر بالوالدين بعد مماتهما في أن الكثير ينسى هذا الأمر ولا يلتفت له، وهو من العقوق أيضاً كما أشارت إليه الروايات الشريفة.

واعتبر سماحة الشيخ عبدالله اليوسف أن أخلاقنا الإسلامية وعاداتنا وأعرافنا الاجتماعية وفطرتنا الإنسانية تدعونا إلى احترام آبائنا وأمهاتنا، وتقديم كل دعم وعون ومساعدة لهم، والوقوف معهم، فلهم الفضل الكبير علينا؛ فلنؤدِ لهم حقوقهم، ولنحسن إليهم، ولنعطف عليهم، ولنقف معهم في السراء والضراء، ولنبرهم أحياءً وأمواتاً. فعن النبي قال: (( ووالديك فأطعهما وبرهما حيين كانا أو ميتين )) وعن الإمام الصادق قال: (( ما يمنع الرجل منكم أن يبر والديه حيين أو ميتين، يصلي عنهما، ويتصدق عنهما، ويحج عنهما، ويصوم عنهما، فيكون الذي صنع لهما، وله مثل ذلك، فيزيده اللَّه عزّ وجلّ ببره وصلاته خيراً كثيراً )).

وبيّن سماحته بعض صور البر بالوالدين في حياتهما وهي كثيرة منها: النظرة الرحيمة لهما، والاستجابة لأوامرهما، وتدبير شؤونهما، ويزداد أهمية هذا الأمر كلما تقدم العمر بالوالدين، وكانا بحاجة للمساعدة والدعم والرعاية الخاصة.

أما صور ذلك بعد مماتهما فمنها: الدعاء لهما، والصلاة والصدقة والحج عنهما، وطباعة كتب يهدى ثوابها لأرواحهما، وحبس أوقاف باسمهما...وغيرها من مجالات الخير والبر والتطوع.


كما ربط سماحة الشيخ اليوسف خطبته بمناسبة وفاة السيدة فاطمة الزهراء والتي كان يحييها النبي بـ "أم أبيها" والذي يعبر عن أن السيدة فاطمة الزهراء كانت بالنسبة للنبي كأمه، لما كانت تقوم به من إحسان لوالدها والبر به وإدارة بيت أبيها بعد موت أمها السيدة خديجة وتوفير المستلزمات البيتية والعائلية لوالدها الكريم؛ كما يبين من جهة أخرى مقام الزهراء وفضلها عند رسول الله ومحبته لها وشفقته عليها وتعريف المسلمين بمكانتها العظيمة.

وأشاد سماحته في الختام بمبادرة فعالية يوم إحياء بر الوالدين كقيمة دينية وأخلاقية وإنسانية، وداعياً الجميع إلى المشاركة في هذه الفعالية التي يعتزم مجموعة من شباب وشابات القطيف إطلاقها يوم الجمعة 21 مارس من كل عام.  وهي من الفعاليات الجميلة التي تحث على تذكير الناس بهذه القيمة الإنسانية وتأدية الواجب الديني والأخلاقي في البر بالوالدين؛ مشيراً إلى أن محافظة القطيف تزخر طوال العام بالفعاليات الدينية والثقافية المتنوعة والمتميزة التي تعبر عن حيوية المجتمع ونهضته العلمية والثقافية.
 


 

اضف هذا الموضوع الى: