مشدداً على أن الحياة الزوجية تقوم على مجموعة من الحقوق والواجبات المتبادلة
الشيخ اليوسف: كثير من المشاكل الأسرية تعود لتقصير الزوج بواجب النفقة تجاه أسرته
سماحة الشيخ د. عبدالله اليوسف أثناء إلقائه الخطبة على المصلين في المسجد (أرشيف)
سماحة الشيخ د. عبدالله اليوسف أثناء إلقائه الخطبة على المصلين في المسجد (أرشيف)

تحدث سماحة الشيخ الدكتور عبدالله أحمد اليوسف في خطبته ليوم الجمعة 30 رجب 1435هـ الموافق 30 مايو 2014م عن الحقوق المتبادلة بين الزوجين، إذ يترتب على إيجاد عقد الزوجية بين الرجل والمرأة مجموعة من الحقوق والواجبات المتبادلة، ويجب على كل طرف القيام بواجباته، وتوفير الحقوق التي للطرف الآخر، فحقوق الزوج على زوجته هي واجبات بالنسبة للزوجة ويلزمها القيام بها، كما أن للزوجة حقوقاً على زوجها، وهي واجبات بالنسبة للزوج و يلزمه القيام بها.

وأضاف سماحته قائلاً: وبهذه الحقوق والواجبات المتبادلة تُبنَى الحياة الزوجية على أسس صحيحة وقوية، وتؤدي إلى نجاح الحياة الزوجية، ونشر السعادة في أركان وأجواء البيت العائلي؛ في حين أن الحياة الزوجية تتحول إلى شقاء وتعاسة عندما يهمل أو يقصر أحدهما عن القيام بواجباته تجاه الآخر.

وبيّن سماحته أن من حقوق الزوج على زوجته هو تمكين نفسها متى ما أراد الزوج ذلك إلا إذا كان هناك مانع شرعي يمنعها من القيام بواجباتها الجنسية تجاه زوجها. والحق الآخر عدم خروجها من المنزل إلا بإذنه.

وفصّل القول في هذه المسألة الشرعية قائلاً: إن خروج المرأة من المنزل، وخصوصاً إذا كان منافياً لحق الزوج في الاستمتاع بزوجته، أمر محرم، وعليها إطاعة زوجها في الخروج وعدمه، وكذلك في التمكين التام له، أما غير ذلك فلا يجب على الزوجة إطاعة زوجها، إلا أنه عليها ألا تتمرد على زوجها، أو تتصرف بطريقة وكأن الزوج عبداً لها أو خادماً عندها، لأن هذا يفسد الحياة الزوجية، ويؤدي إلى حدوث تشنج وتوتر في الحياة الزوجية. كما أن على الزوج ألا يتصرف مع زوجته وكأنها خادمة تعمل لديه، أو جارية تحت يديه، وإنما هي إنسان كامل الإنسانية، وعليه أن يتعامل معها بكل احترام وتقدير.

وأوضح سماحته ان إطاعة الزوجة لزوجها، وعدم تصرف الزوج مع زوجته كمستبد أو دكتاتور، يؤدي إلى نجاح الحياة الزوجية، وبناء أسرة سعيدة، وإلا إن لم يكن الأمر كذلك فقد يؤدي إلى العنف بين الزوجين، وربما الانفصال بالطلاق، وهدم كيان الأسرة.

وانتقد سماحته التعسف في استخدام بعض الأزواج لحقه في عدم جواز خروج زوجته إلا بإذنه، برفضهم السماح لها بالخروج مطلقاً وكأنها سجينة في بيتها؛ مبيناً أن بعض الفقهاء ربط ذلك بتفويت حقه في الاستمتاع بها، وليس مطلقاً، كما أنه يحق للزوجة اشتراط أن يكون لها الحق في الخروج من المنزل متى أرادت فإذا وافق الزوج على ذلك وجب عليه الوفاء بالشرط.

وبين سماحته أن من أهم حقوق الزوجة على زوجها هو: حق النفقة، حيث يجب على الزوج القيام بتوفير النفقة لزوجته مادامت المرأة مطيعة لزوجها، وقائمة بواجباتها الشرعية تجاه زوجها.

وقد اتفق الفقهاء جميعاً على أنه يجب على الزوج أن ينفق على زوجته حتى ولو كانت موظفة أو غنية، من غير فرق بين أن تكون الزوجة مسلمة أو غير مسلمة مادامت تؤدي واجباتها الشرعية تجاه زوجها  بدليل قوله تعالى: ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ .

وعن مقدار النفقة قال سماحته: لم يحدد الشرع المقدس حقيقة شرعية لمقدار نفقة الزوجة، بل أوكل ذلك إلى العرف، فكل ما يراه العرف لازماً للنفقة فهو منها، وما ذكر في بعض الروايات من التعيين والتحديد لمقدار النفقة فهو محمول على بيان ما كان عليه العرف في زمان صدور تلك الروايات، ومن باب إعطاء الأمثلة، وإلا فبعض ما ذكر في تلك الروايات من أمثلة لم يعد لها وجود اليوم، أو لم تعد متناولة في طعام الناس وشرابهم. ولأن الشرع لم يحدد حقيقة شرعية لمقدار النفقة، بل يُرجَع في ذلك إلى العرف، ومن الواضح أن العرف يختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة والمجتمعات المختلفة مما يستوجب مراعاة ذلك.

ولفت سماحته في ختام خطبته إلى أن كثيراً من المشاكل الأسرية والعائلية تعود إلى الاختلاف في النفقة، أو عدم قيام الزوج بما يجب عليه تجاه أسرته أو تسلط الزوج على أموال زوجته الموظفة بغير رضاها؛ في حين أن من واجب الزوج الإنفاق على زوجته وإن كانت موظفة أو غنية، ولها كامل الحق بالتصرف في أموالها الخاصة، ولا يجوز للزوج أخذ شيء منها إلا برضاها.

واعتبر سماحته أن من أسوأ صور الابتزاز للمرأة تخييرها بين التصرف في أموالها حتى دون رضاها أو الطلاق! وكأنه قد تزوجها من أجل السيطرة على أموالها، بينما المرأة مستقلة في ذمتها المالية تماماً كالرجل، وأن من مسؤوليات (الزوج) وواجباته الإنفاق على زوجته وأولاده، بل يستحب له التوسعة عليهم في النفقة.

 

اضف هذا الموضوع الى: