أدان بشدة تفجيري القديح والدمام
الشيح اليوسف يدعو إلى إيجاد معالجات جادة لخطاب الطائفية والكراهية
سماحة الشيخ عبدالله اليوسف متحدثاً للحضور (أرشيف)
سماحة الشيخ عبدالله اليوسف متحدثاً للحضور (أرشيف)

أدان سماحة الشيخ الدكتور عبدالله أحمد اليوسف في كلمته ليوم الجمعة 17 شعبان 1436هـ الموافق 5 يونيو 2015م بشدة حادثة الإرهاب الغاشم الذي وقع في مسجد الإمام علي في بلدة القديح قبل أسبوعين وحادثة مسجد الإمام الحسين بحي العنود في الدمام قبل أسبوع، معتبراً ذلك من أشد المحرمات في الإسلام، وهو أمر لا يقره دين ولا مذهب ولا منطق ولا عقل ولا ضمير حي.

وأكد سماحته على أن الإسلام يؤكد على وجوب احترام الأنفس والأعراض والأموال، وعدم جواز التعدي أو التجاوز على حقوق الآخرين أو سلبها؛ ومن أهم هذه الحقوق: حق الحياة، حيث لا يجوز للإنسان أن يقتل نفسه بنص القرآن الكريم في قوله تعالى: ﴿ وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ   وبالأولى أنه لا يجوز قتل الآخرين بغير حق، إذ أن ذلك من أكبر الجرائم وأعظم الذنوب والمعاصي.

وقد ابتدأ الشيخ اليوسف خطبته بالآية الثالثة والتسعين من سورة النساء  ﴿وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً حيث أن هذه الآية تشنّع قتل المؤمن فتلاً متعمداً بل وتجعل لمرتكبه أربعة عقوبات في الآخرة وهي: الخلود في جهنم وكذلك غضب الله عليه والطرد من رحمته وأخيراً العذاب العظيم الذي أعده الله خصيصاً لمرتكبي هذا الجرم العظيم. ونوّه الشيخ بأن الآية تذكر قتل مؤمنٍ واحد فكيف بقتل أكثر من عشرين مؤمناً وهم في حالة الصلاة وفي بيتٍ من بيوت الله وفي يوم الجمعة كما حدث في جريمة قتل المصلين في القديح؟!

وذكر سماحته بأن الإسلام لم يحرم قتل الإنسان المؤمن أو المسلم فقط بل وكل نفسٍ محترمة مستدلاً بالآية الشريفة من سورة المائدة ﴿ مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً فلم يقل القرآن من قتل مؤمناً أو من قتل مسلماً بل من قتل نفساً فكل نفسٍ محترمة يحرم قتلها أو الاعتداء عليها أو سلبها حقوقها بغض النظر عن  لغتها أو قوميتها أو دينها أو مذهبها أو عرقها.

بل ولم يكتف الإسلام بهذا فحرّم قتل الإنسان لنفسه وتوعد من يفعل هذا بالنار كما حرم كل ضررٍ يلحقه الشخص بجسده كبتر العضو وفقأ العين وقطع الأذن وما أشبه.

وبعد كل هذا يتساءل الشيخ اليوسف مستفهماً ألا يجعلنا هذا نبحث كيف بمن يدعي الإسلام أن يقتل المسلمين؟ وما هي أخطار هذا الإرهاب؟ وما هي الحلول التي يمكن أن نفعلها لمواجهة هذا الإرهاب الإجرامي؟


ويجيب الشيخ متحدثاً في الأسباب فيقول " أنه ومما لا شك فيه أن هؤلاء الأشخاص يفعلون ما يفعلون جراء ما يملكون من فكرٍ وثقافةٍ سوداء زرعت في أدمغتهم من مناهجٍ ومنابرٍ وقنواتٍ إعلامية تتسم بالطائفية فتدعو إلى الكره والحقد والتمييز ضد المخالف بل ويتعدى ذلك إلى تكفير الطوائف الأخرى، مبيناً أن  خطورة التكفير ليس في كونه مجرد رأي وحسب بل تنبع خطورته مما يترتب عليه من حلية دم المسلم وماله وعرضه".


وأما أخطار الإرهاب على الأمة فعدد الشيخ اليوسف بعضاً منها مثل إشعال الفتنة الطائفية بين المسلمين وجرهم إلى حروبٍ تدمي الجميع وتقتل الكل وهذا ما يجب أن يقف ضده الجميع شيعةً وسنة متلاحمين في وجه هذا العدو الواحد. كما أن الإرهاب يشوه صورةً الإسلام، فهؤلاء الإرهابيون يدّعون الإسلام وهو بريءٌ منهم ومن أفعالهم الوحشية التي يبثونها للعالم أجمع.

وفي مواجهة الإرهاب  ذكر الشيخ أموراً عديدة لو طُبقت لكانت كفيلةً بتحصين المسلمين من هذا الشر فكان منها سن قانون يجرم الطائفية والكراهية الذي أصبح مطلباً شعبياً يطالب به جميع العقلاء والحكماء في هذه البلاد؛ وهذا القانون يجب أن يكون واضحاً فلا يفهم بأكثر من طريقة أو يفسر بأكثر من تفسير. وما حدث من أعمال إرهابية تدعو إلى ضرورة إيجاد معالجات جادة لخطاب الطائفية والكراهية والتمييز حتى لا تتكرر مثل هذه الأعمال الإرهابية في بلادنا.

وأضاف قائلاً: ليس كافياً في هذه الحوادث الإرهابية أن نقوم بالاستنكار والإدانة وإن كان مطلوباً في حد ذاته ولكن الأهم أن يُجرم مسببو الإرهاب ومحرضوه والحاثّون عليه والمتعاطفون معه.

وأما الحل الثاني فهو تطوير وتعديل المناهج التي تُدرس في المدارس والجامعات والتي ينشأ عليها الأطفال ويبني الكبار منها ثقافته فبدلاً من عرض رأي مذهب واحد وتهميش آراء بقية المذاهب مما ينتج عنه التعصب والتشدد تكون الدراسة بطريقة المقارنة في الفقه والعقائد وهو الأمر الذي يساعد على التسامح والانفتاح وفهم ما لدى الآخر.

وأخيراً يجب أن يكون هنالك خطاب يتسم بالمحبة ويدعو إلى الانفتاح على الآخر والقبول به حتى وإن لم تقتنع برأيه أو أن يغيّر هو من قناعته، وهنا يكمن دور الإعلام في هذا المجال.

وفي ختام حديثه، دعا الشيخ اليوسف لبلادنا وبلاد المسلمين بالأمن والأمان وأن يحفظ الله المسلمين في كل مكان ويقيهم من شر كل من لا يريد لهم الخير.

 

اضف هذا الموضوع الى: