تحدث سماحة الشيخ الدكتور عبدالله أحمد اليوسف في خطبة يوم الجمعة 28 شوال 1436هـ الموافق 14 أغسطس 2015م إلى ظاهرة التحرش الجنسي وأسبابها وأشكالها وعلاجها وآثارها السلبية على الضحايا، معتبراً أن هذه الظاهرة من الظواهر السلبية وغير الأخلاقية.

وأضاف سماحته قائلاً: إن هذه الظاهرة بدأت في التزايد والانتشار في المجتمع، وإذا كانت هذه الظاهرة موجودة بصورة كبيرة في المجتمعات المنفتحة وغير المحافظة؛ فإن انتشارها في المجتمعات المحافظة والمتدينة يشير إلى وجود خلل واختلال في منظومة القيم والسلوك والأخلاق.

وبيّن سماحته أن الإسلام قد حرّم جميع أشكال التحرش الجنسي بمختلف صوره وأشكاله، ومن يفعل ذلك يعزر في الحكم الشرعي بما يراه الحاكم الشرعي أو القاضي مناسباً لنوع التحرش الجنسي وردع المتحرش.

وأكد سماحته على أهمية التزام المرأة المسلمة بالحجاب الشرعي والعفة والحشمة، وعدم الظهور بملابس غير لائقة أو لبس عباءات ضيقة جداً بما يبرز مفاتن الجسم، أو عباءات ملونة بألوان أو أشكال أو رسوم مثيرة ومهيجة للشهوات.

وابتدأ سماحته الخطبة بقوله تعالى: ﴿وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ حيث تشير الآية المباركة إلى دقة الأحكام الشرعية والاهتمام بعفة المرأة وحشمتها من خلال النهي عن ضرب الأرجل بشدة أثناء المشي بما يؤدي لإيصال صوت الخلخال الذي تضعه المرأة إلى آذان الرجال غير المحارم بما يلفت الأنظار ويثير الشهوات عند الرجال.

وتابع سماحته قائلاً: إن للتساهل في الحجاب الشرعي، والمفاكهة مع الرجال، والاختلاط الموجب للفساد أثره وتأثيره في تزايد ظاهرة التحرش الجنسي في المجتمع.

ولفت سماحته إلى أن ذلك لا يعني تحميل المرأة المسؤولية لوحدها عن التحرش، بل إن المرأة غالباً ما تكون ضحية من ضحايا التحرش، كما أن بعض الشباب يتعمدون التحرش بالفتيات المتحجبات، ومن أسباب ذلك: غياب القانون الرادع ضد المتحرشين، أو للتأخر في الزواج، أو لوجود الأجواء المهيجة للشهوات.

واعتبر سماحته أن الاختلاط في حد نفسه ليس حراماً، كالاختلاط في العمل أو في الدراسة إذا كان مع التقيد بالضوابط الشرعية والأخلاقية؛ لكن الاختلاط الموجب للفساد حرام شرعاً كالاختلاط الذي يكون  في بيئة غير صالحة أو فاسدة مما قد يؤدي إلى وقوع التحرش الجنسي.

ثم تطرق سماحة الشيخ عبدالله اليوسف إلى أشكال التحرش الجنسي وهي:

1- سلوك جنسي لفظي من قبيل: الكلمات والألفاظ والفكاهات الجنسية.

2- سلوك جنسي غير لفظي بما يتضمن التعبيرات الجنسية كالغمز بالعين، والبصبصة، والإشارة.

3- سلوك جنسي جسدي ويتضمن عدد من السلوكيات تبدأ من الرتب عل الجسد، والقرص، واللمس، والاحتكاك الجسدي.

ثم بعد ذلك تحدث سماحته عن وسائل المعالجة لظاهرة التحرش الجنسي، أو التقليل منها من خلال التزام المرأة المسلمة بالحجاب الشرعي، والتقيد بالضوابط الشرعية في العلاقة بين الجنسين خصوصاً في ظروف العمل المختلط، وسن القوانين الرادعة والواضحة والتي تبين عقوبة المتحرشين جنسياً بالمرأة أو الأطفال، وتسهيل أمور الزواج بما يمنع من انتشار الفساد والتحرش.

وفي نهاية خطبته أوضح سماحة الشيخ اليوسف آثار التحرش الجنسي على الضحايا، مشيراً إلى إصابة ضحايا التحرش الجنسي باضطرابات ومشاكل نفسية كالاكتئاب والقلق والخوف.

ومن آثاره أيضاً إفساد الحياة العائلية، حيث تشير بعض الدراسات الاجتماعية إلى أن التحرش الجنسي قد يدمر كبان الأسرة، ويؤدي إلى تطليق المرأة نتيجة لانعدام الثقة بين الزوجين.

وختم سماحته الحديث عن آثار التحرش الجنسي بتدمير الحياة المهنية للمرأة، حيث قد تضطر إلى الاستقالة من العمل، نتيجة لتعرضها للتحرش الجنسي، أو ابتزازها، أو الضغط عليها من أجل الاستجابة للرغبات غير المشروعة.

ودعا سماحته إلى إيجاد معالجات جادة وعلمية وتربوية للقضاء أو التقليل من ظاهرة التحرش الجنسي، والحفاظ على منظومة القيم والأخلاق في المجتمع المسلم.