مؤكداً على أهمية التحلي بفضيلة الصبر وعدم الجزع أمام المكاره والبلايا
الشيخ اليوسف: التحلي بالصبر دليل على رجاحة العقل وسعة الأفق وقوة الشخصية
سماحة الشيخ عبدالله اليوسف يلقي خطبته للمصلين (أرشيف)
سماحة الشيخ عبدالله اليوسف يلقي خطبته للمصلين (أرشيف)

تحدث سماحة الشيخ الدكتور عبدالله أحمد اليوسف في خطبة يوم الجمعة 11 ربيع الآخر 1437هـ الموافق 22 يناير 2016م عن أهمية التحلي بفضيلة الصبر وعدم الجزع أمام المكاره والبلايا، لأن الصبر يمثل عماد الفضائل، ورأس المكارم، وجميل المحاسن، وقطب المفاخر.

وأضاف سماحته قائلاً: يكفي في شرف الصبر وجلالة الصابرين أن الله تعالى قد أشاد بهما في نيف وسبعين آية في القرآن الكريم، ومن أعظم أقسام الصبر هو الصبر على المكاره والنوائب والأرزاء، وخير ما يفعله المبتلى بمكروه أو رزية هو التحلي بفضيلة الصبر والتأسي والاقتداء بالصابرين!             

وتابع سماحته قائلاً: كثيرة هي الآيات الشريفة والأحاديث المروية عن رسول الله وأئمة أهل البيت التي تحث الإنسان على التحلي بالصبر؛ فقد بشر الله تعالى الصابرين بالحب والرحمة والرضا، كقوله تعالى: ﴿وَاللّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ   وقوله تعالى: ﴿ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ . ووعدهم بالتأييد كما في قوله تعالى: ﴿وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ   ووعدهم بالأجر والثواب الجزيل، كما في قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ .

وقال سماحته: لقد  تواترت الأحاديث الشريفة في فضل الصبر ومدح الصابرين، يقول أمير المؤمنين : «إن صبرت جرى عليك القدر وأنت مأجور، وإن جزعت جرى عليك القدر وأنت مأزور» . ويقول أيضاً: «من لم ينجه الصبر، أهلكه الجزع»  وقال الإمام الصادق : « الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد، فإذا ذهب الرأس ذهب الجسد، كذلك إذا ذهب الصبر ذهب الإيمان ». وقال الإمام الباقر : «الجنة محفوفة بالمكاره والصبر، فمن صبر على المكاره في الدنيا دخل الجنة، وجهنم محفوفة باللذات والشهوات فمن أعطى نفسه لذتها وشهوتها دخل النار ».

وأوضح سماحة الشيخ عبدالله اليوسف معنى الصبر بالقول: إنه احتمال المكاره والبلايا من غير جزع أو هلع. والصبر الجميل والمحمود هو الصبر على المكاره التي لا يمكن للإنسان دفعها كفقد قريب أو عزيز، أو سلب مال، أو الإصابة بمرض مزمن.

ولفت سماحته إلى أنه ليس من الصبر في شيء الاستسلام للمكاره والبلايا التي يمكنه دفعها، بل هو حمق وسفاهة؛ كالقدرة على علاج المرض مع امتناعه عن تناول العلاج، أو الفقر مع قدرته على الاكتساب والعمل، أو القدرة على استرجاع حقوقه مع عدم السعي لاسترجاعها.

وأكد سماحته إلى أن الصبر الجميل دليل على سمو النفس، ورجاحة العقل، وسعة الأفق، وقوة الشخصية، أما الجزع فهو دليل على الضعف والهوان وخوار الإرادة والعزيمة.

وبيّن سماحة الشيخ اليوسف بعض الخطوات لكسب وتنمية فضيلة الصبر والتحلي بها، وذلك من خلال التأمل في محاسن الصبر، من قبيل: قوة التحمل والإرادة والعزيمة والثبات والاستقامة، وقوة الشخصية، وعدم التأثر السلبي بالمكاره والنوائب. فقد روي عن رسول الله أنه قال : «الصبر ستر من الكروب، وعون على الخطوب » . وقال أمير المؤمنين: « من صبر ساعة، حمد ساعات ».

وقال سماحته إن الخطوة الثانية هي التفكر في مساوىء الجزع؛ والتي منها: الهلع، فقدان التوازن، عدم التعقل، ضعف الشخصية، عدم التحمل، خوار الإرادة والعزيمة، مع العلم أن الجزع لا يغير شيئاً من الواقع، ولا ينال الجزوع إلا الإثم والضعف.

ودعا سماحته في الخطوة الثالثة إلى الاقتداء بالصابرين؛ ويتأتى ذلك من خلال قراءة حياة الصابرين والتأسي بهم، وفي طليعتهم الأنبياء والأئمة والعظماء والقادة والعلماء حيث تحلوا بالصبر وتحملوا المكاره والنوائب كما في قصة نبي الله أيوب والذي أصبح مضرباً للمثال في الصبر حتى أضحى يقال: صبر أيوب.

وذكر سماحته أن الله عز وجل قد امتحن النبي أيوب بمحن شديدة؛ إذ فقد أمواله كلها، وأولاده كلهم، وابتلي بمختلف الأمراض بحيث لم يكن قادراً على الحركة من شدة المرض، وقد صبر على كل هذه المحن، وازداد شكره لله تعالى، حتى أصبح صبر أيوب مضرباً للمثل منذ القدم.

اضف هذا الموضوع الى: