مؤكداً على أهمية التحلي بصفة التغافل تجاه صغائر الأمور وسفاسفها
الشيخ اليوسف: إتقان فنيات التغافل ينتج النجاح في الحياة الخاصة والعامة
سماحة الشيخ عبدالله اليوسف أثناء إلقاء الخطبة
سماحة الشيخ عبدالله اليوسف أثناء إلقاء الخطبة

أكد سماحة الشيخ الدكتور عبدالله اليوسف على أهمية التحلي بصفة التغافل تجاه صغائر الأمور وسفاسفها، أما عدم التغافل فيؤدي إلى الفشل في العلاقة الزوجية، وفي العلاقة مع الأصدقاء وزملاء العمل وسائر الناس.

وأضاف سماحته قائلاً: حتى ننجح في حياتنا العامة والخاصة علينا أن نتسامح عن الأخطاء الصغيرة، ونعفو ونصفح، ونتغافل ونتجاهل توافه الأمور وصغائرها، ونهتم بمعالي الأمور ومكارمها.

وأوضح سماحته أن من أهم أسرار النجاح في الحياة الخاصة والعامة هو إتقان فنيات التغافل وأبجديات التجاهل، فقد قال أمير المؤمنين : «إنّ العاقِلَ نِصفُهُ احتِمالٌ، ونِصفُهُ تَغافُلٌ » .  وقوله : «أشرَفُ أخلاقِ الكريمِ تَغافُلُهُ عمّا يَعلَمُ ».

وأشار سماحته إلى أن الحساسية المفرطة تجاه كل شيء سبب مهم من أسباب الفشل والنكد، فالعلاقة الزوجية التي ترتكز على الحساسية المفرطة، وعلى الاهتمام بصغائر الأمور وسفاسفها تفشل، وكذلك يخسر الإنسان أصدقاءه وزملاءه في العمل إذا كان يتعامل معهم كذلك.


 وبيّن سماحة الشيخ اليوسف في خطبة الجمعة 28 ربيع الآخر 1438هـ الموافق 27 يناير 2017م أن الشخصيات القوية والكبيرة هي التي تتغافل وتتجاهل الصغائر والتوافه والسفاسف، وتهتم بالأمور والقضايا الكبيرة والمهمة. أما أصحاب العقول الصغيرة فهي التي تهتم بتوافه الأمور وصغائرها.

وتابع بالقول: تتفاوت طبيعة البشر في ردّات أفعالهم ونوعية تصرفاتهم تجاه ما يحدث أمامهم من أمور في الحياة، وما يلاقونه من المحيطين بهم من أقوال وأفعال وتصرفات؛ فالناس أنواع وأصناف، وطبائع وأمزجة مختلفة، وعقول متفاوتة، وشخصيات متنوعة.

وأوضح سماحة الشيخ اليوسف أنه يمكن تصنيف الناس – من هذه الجهة- إلى ثلاثة أصناف رئيسة وهم:

1- اللاأباليون: وهم الذين يتجاهلون كل شيء، ولا يعيرون أدنى اهتمام لأي أمر، ولا يعنيهم ما قبل فيهم وعنهم.

2- الحساسون: وهم أصحاب الحساسية المفرطة، والإحساس المرهف، وهم الذين يتأثرون بكل شيء، وينزعجون من كل أمر، ويتذمرون من كل قول وفعل بسرعة وانفعال وتأثر.

3- الواقعيون: وهم الذين يعيرون اهتماماً للأمور التي تستحق العناية والاهتمام، ويتجاهلون ويتغافلون عن صغائر الأمور وسفاسفها.

وبيّن سماحته أنه إذا كانت اللا أبالية سلوكاً غير صحيح، فإن الحساسية المفرطة كذلك، والمطلوب أن يكون الإنسان واقعياً في نظرته للأمور والأشياء، وفي تعامله مع الناس، فنحن نتعامل مع بشر تصيب وتخطئ وليس مع ملائكة أو معصومين عن الخطأ.

وشدد سماحته على أنه إذا أراد الإنسان أن يعيش حياة هانئة ومريحة وممتعة وسعيدة في حياته عليه إتقان (فن التغافل) وهو تعمد الغفلة عن قصد، فمع علمه بالشيء يتظاهر بعدم العلم والمعرفة، وذلك من أجل أن تسير الحياة بهدوء وهناء وسلام.

وأشار سماحته إلى أن الإرشادات والتعاليم الدينية تحث على ذلك، فقد ورد عن أمير المؤمنين قوله: «تَغافَل يُحمَد أمرُكَ» . وقوله : «أشرَفُ خِصالِ الكَرَمِ غَفلَتُكَ عمّا تَعلَمُ » . وقال الإمامُ الباقرُ : «صَلاحُ شَأنِ الناسِ التَّعايُشُ والتَّعاشُرُ مِلْ‏ءَ مِكيالٍ: ثُلُثاهُ فِطَنٌ، وثلثٌ تَغافُلٌ ».

وأكد سماحته على أن  الإمام علياً اعتبر أن التغافل من أعظم أنواع الحلم حيث يقول : «لا حِلمَ كالتَّغافُلِ»  وأن التجاهل يدل على نضج العقل، إذ يقول : «لا عَقلَ كالتَّجاهُلِ».

ولفت سماحته إلى أن  الشخص الذي يهتم بكل شاردة وواردة، ويشغل باله بكل قول لم يعجبه، أو كلمه نقد قيلت بحقه، أو موقف أزعجه فإن حياته تتحول إلى نكد وشقاء وتعاسة. يقول أمير المؤمنين : «مَن لَم يَتَغافَلْ ولا يَغُضَّ عَن كَثيرٍ مِنَ الامورِ تَنَغَّصَت عِيشَتُهُ» . وحتى لا تتنغص حياتك تعامل مع من حولك بتغافل في الأمور البسيطة والصغيرة، والاهتمام والعناية بالأمور والقضايا الكبيرة والهامة.

وتابع سماحته أن من الأمور التي تفقد الود وتوجب البغضاء كثرة العتاب، فمن يعاتب الآخرين على كل فعل وقول وأمر يخسرهم. فقد قال الإمام علي : « مَن جانَبَ الإخْوانَ على‏ كُلِّ ذَنبٍ قَلَّ أصدِقاؤهُ » . وقوله : « مَن لم يَحْتَمِلْ زَلَلَ الصَّديقِ ماتَ وحيداً » . وقال الإمامُ الصّادقُ : «مَن لَم يُؤاخِ إلّامَن لا عَيبَ فيهِ قَلَّ صَديقُهُ » . وقال الإمام الصادق : «احتَمِلْ أخاكَ على‏ ما فيهِ، ولا تُكثِر العِتابَ‏ فإنّهُ يُورِثُ الضَّغِينةَ» . ولذلك ينبغي تجنب كثرة العتاب والمعاتبة، والتماس العذر للآخرين. 

اضف هذا الموضوع الى: