مؤكداً على أن بذل المعروف كالزرع الذي ينمو ويزهر ويثمر
الشيخ اليوسف يدعو إلى بذل المعروف للناس بقدر الاستطاعة
سماحة الشيخ عبدالله اليوسف  أثناء إلقاء الخطبة
سماحة الشيخ عبدالله اليوسف أثناء إلقاء الخطبة

أكد سماحة الشيخ الدكتور عبدالله أحمد اليوسف في خطبة الجمعة 22 ذي القعدة 1440 هـ الموافق 26 يوليو 2019م على أن النصوص الدينية استفاضت في الحث والترغيب في بذل المعروف وصناعته للناس، وأن المقصود من المعروف: كل فعل حسن وجميل، ويعم كل ما استحسنه الشرع والعقل.

وأضاف: إن مصاديق بذل المعروف كثيرة، وموارده واسعة، ومجالاته متعددة، ومنها: تعليم الجاهل، وإرشاد الضال، وسداد ديون الغرماء، وإعطاء الصدقة، وإماطة الأذى عن الطريق، والإصلاح بين المتهاجرين والمتخاصمين، والشفعة في قضاء حوائج الناس وتسهيل أمورهم، والسعي في تزويج العزاب والعازبات، وحتى التبسم في وجه من تلقاه ... وغيرها من مصاديق بذل المعروف وصناعته.

وأوضح أن لبذل المعروف آثاراً وثمرات يانعة يحصل عليها باذل المعروف في الدنيا والآخرة، ومن أهم الثمرات التي يحصل عليها باذل المعروف في الآخرة رضا الله تعالى عنه، ودخول الجنة ما دام أن عمله كان خالصاً لوجهه تعالى، ففي الجنة باب لا يدخله إلا أهل المعروف، فقد قال رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله: «إنَّ لِلجَنّةِ باباً يُقالُ لَهُ: بابُ المَعْروفِ، لا يَدخُلُهُ إلّا أهْلُ المَعروفِ». وأول من يدخل الجنة فاعلو المعروف، فقد قال الإمام الصّادقُ عليه السلام: «أوَّلُ مَن يَدخُلُ الجَنَّةَ أهلُ المَعروفِ».

وأشار إلى أن بذل المعروف فيه أجر عظيم وثواب جزيل، فقد قال رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله: «مَن قادَ ضَريراً أربَعينَ خُطوَةً عَلى‏ أرضٍ سَهلَةٍ، لا يَفي بِقَدرِ إبرَةٍ مِن جَميعِهِ طِلاعُ الأرضِ ذَهَباً، فإن كانَ فيما قادَهُ مَهلَكَةٌ جَوَّزَهُ عَنها وَجَدَ ذلكَ في ميزانِ حَسَناتِهِ يَومَ القِيامَةِ أوسَعَ مِنَ الدّنيا مِائةَ ألفِ مَرَّةٍ». وعنه صلى الله عليه وآله قال: «مَن أماطَ عَن طَريقِ المُسلِمينَ ما يُؤذيهِم كَتَبَ اللَّهُ لَهُ أجرَ قِراءَةِ أربَعِمِائةِ آيَةٍ، كُلُّ حَرفٍ مِنها بِعَشرِ حَسَناتٍ». وعنه صلى الله عليه آله قال: «مَن بَنى‏ عَلى‏ ظَهرِ الطَّريقِ ما يَأوي عابِرَ سَبيلٍ بَعَثَهُ اللَّهُ يَومَ القِيامَةِ عَلى‏ نَجيبٍ مِن دُرٍّ، ووَجهُه يُضي‏ءُ لأِهلِ الجَنَّةِ نوراً». وهذه إشارات مهمة إلى مصاديق  متعددة من المعروف.

وأوضح أن من أهم ثمرات وآثار  بذل المعروف في الدنيا اتقاء مصارع السوء، فقد قال الإمامُ عليٌّ عليه السلام: «اصطَنِعوا المَعروفَ بِما قَدَرتُم عَلَى اصطِناعِه؛ فإنَّهُ يَقي مَصارِعَ السُّوءِ».

وتابع: إن المعروف كالزرع الذي ينمو ويثمر؛ بل هو أنمى زرع وأفضل كنز كما عبّر عن ذلك الإمام علي عليه السلام بقوله: «المَعروفُ أنمى‏ زَرعٍ، وأفضَلُ كَنزٍ».

 وأكد على أن باذل المعروف يحظى بمحبة الناس وتقديرهم له، لأن الناس ينظرون إليه أنه من أهل المعروف وفاعل الخير والمحسن إلى الناس، قال الإمامُ عليٌّ عليه السلام: «مَن عامَلَ النّاسَ بِالجَميلِ كافَؤوهُ بِهِ». وعنه عليه السلام قال: «ذُو المَعرُوفِ مَحمُودُ العادَةِ». ويزداد معارفه ومحبوه كلما زاد في عوارفه، فقد قال الإمامُ عليٌّ عليه السلام: «مَن كَثُرَت عَوارِفُهُ كَثُرَت مَعارِفُهُ».

وأوضح أن صنع المعروف وبذله لا يقتصر على أهل الخير والصلاح، بل يشمل حتى الكافر المسالم، ويشمل المؤمن وغير المؤمن، والبر والفاجر؛ والإنسان والحيوان؛ فعمل المعروف كالمطر ينفع الناس كلهم كما قال الإمامُ الحسينُ عليه السلام‏، عندما قالَ عنده رَجُلٌ: إنَّ المَعروفَ إذا اسدِيَ إلى‏ غَيرِ أهلِهِ ضاعَ. فقال عليه السلام‏: «لَيسَ كذلكَ، ولكِنْ تَكونُ الصَّنيعَةُ مِثلَ وابِلِ المَطَرِ تُصيبُ البَرَّ والفاجِرَ».

ولفت إلى أن الإمام الحسين شبّه صناعة المعروف بالمطر الذي يصيب بقطراته النازلة البر والفاجر، فعمل المعروف لا يضيع، وآثاره تنفع الجميع، ثم إن إسداء المعروف لغير أهله قد يجعلهم من أهله، فكم من رجل تغيّر مساره لأن رجلاً صالحاً أسدى إليه معروفاً!

ودعا في نهاية خطبته إلى بذل المعروف للناس بقدر الاستطاعة، وعدم احتقار أي شيء من عمل المعروف ولو بأن تلقى أخاك بوجه منبسط، فأهل المعروف في الدنيا هم أهله في الآخرة أيضاً.

      

اضف هذا الموضوع الى: