تقديم لكتاب: مسيرة التجديد في علم الأصول: الفضلي نموذجاً للشيخ رياض السليم
الشيخ عبدالله اليوسف - 6 / 9 / 2013م - 11:07 م
غلاف كتاب: مسيرة التجديد في علم الأصول
غلاف كتاب: مسيرة التجديد في علم الأصول

 يُعد علم الأصول من العلوم الإسلامية الخالصة، وهو نتاج العقل الإسلامي من دون أن يشاركه فيه أحد، ولم يكن هذا العلم في بدايته علماً مستقلاً؛ بل كان متداخلاً مع علم الفقه، ثم تحول إلى علم مستقل بذاته، له مادته وموضوعه وقواعده ومنهجه. وقد تطور مع تعاقب القرون استجابة لحاجات الفقيه في معرفة الأحكام الشرعية، نظراً لاتساع المجالات والمواضيع الفقهية المتجددة، وهو الأمر الذي يرتكز أساساً على منهج البحث العلمي الدقيق الذي يرسمه علم الأصول.

وعندما يتأمل الباحث في مسيرة علم الأصول سيجد أنه تضخم مع مرور الزمن لدرجة جعلته أكثر تعقيداً وتشعباً، فدخل فيه مباحث كلامية وفلسفية لا تمت إلى علم الأصول بصلة، وامتزجت بمطالبه مباحث افتراضية بعيدة عن الحاجة الفعلية في عملية الاستنباط؛ فضلاً عن صياغة علم الأصول بلغة قديمة جعلت الحاجة لتفكيك عباراته وطلاسمه حاجة مستمرة، فنجد الشروح تلو الشروح لتسهيل المطالب، وتبيين المباحث الأصولية بدقة، وتمييز المشتبهات من المحكمات، وشرح المصطلحات والقواعد الأصولية.

وهذا كله، جعل من دراسة علم الأصول يستغرق زمناً طويلاً، ليتخرج الطالب بعد ذلك -غالباً- غير قادر على تطبيق ما درسه نظرياً من قواعد وأصول، في حين أن مهمة علم الأصول الرئيسة تمكين طالب العلم من اتباع المنهج العلمي وآلياته في فهم مباني الأحكام الشرعية، وكيفية استنباطها.

ومما سبق، يتضح أهمية التجديد في علم الأصول سواء من حيث المادة أم المنهج، لجعل هذا العلم أكثر جذباً للطلبة، وأقرب إلى الواقع من الاتجاه النظري، وأكثر معاصرة في صياغة محتواه ومادته العلمية؛ وهو الأمر الذي قام به العلامة الشيخ الدكتور/ عبد الهادي الفضلي ( أطال الله في عمره ) من خلال مجموعة من مؤلفاته القيمة في علم الأصول، والتي تأتي ضمن منظومته المتميزة التي قدمها كمقررات دراسية في العلوم الشرعية.

وقد تميزت كتبه في علم الأصول باتباع المنهج العلمي في التأليف، واستخدام لغة معاصرة في الصياغة العلمية، والابتعاد عن العبارات والألفاظ الصعبة وغير المألوفة، وتخليص علم الأصول من المباحث غير الضرورية، وتضمين كتبه تطبيقات عملية ليتضح المراد من المطالب النظرية. وقد استفاد الدكتور الفضلي من تجربته العملية والطويلة في التدريس سواء في الحوزات العلمية أم في الجامعات الأكاديمية مما جعله يُبدع بإتقان، ويمتلك القدرة على التجديد في صياغة مناهج علمية جديدة، وهذا الأمر ليس بالشيء السهل، إذ لا يقدر عليه إلا من امتلك مجموعة من المؤهلات العلمية العالية كالدكتور الفضلي.

وقد وُفِق سماحة الشيخ رياض السليم في بيان تجربة العلامة الفضلي في صياغة المنهج الأصولي، ومؤشرات التجديد فيه، ومميزات ما كتبه في علم الأصول، ومنهجيته المتبعة في هذا الحقل العلمي الهام، وهي تجربة تستحق الدراسة، شأنها في ذلك شأن بقية ما كتبه من مناهج علمية مهمة.

وقد طالعتُ مطالعة الشيخ السليم حول مسيرة التجديد في المنهج الأصولي عند العلامة الفضلي، فرأيتُ فيها الكثير من المعلومات القيمة والمفيدة، والإشارات المهمة، والملاحظات القيمة، فرغم أن دراسته كانت مختصرة إلا أنها غنية ومفيدة، وتساعد على فهم ومعرفة ملامح ومميزات تجربة العلامة الفضلي في منهجه الأصولي.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفق سماحة الشيخ رياض السليم إلى المزيد من الإبداع والعطاء الفكري والعلمي، وأن يضاعف له الأجر والثواب، وأن يطيل في عُمر صاحب التجربة القيمة الدكتور عبد الهادي الفضلي، وأن يمنّ عليه بالصحة والعافية، إنه سميع مجيب الدعاء.
والله المستعان

                                                                             عبدالله أحمد اليوسف
                                                                               الحلة ـ القطيف 
                                             27/9/1432هـ
                                                   27/8/2011م

 

الكتاب صادر عن مركز الرسالة للدراسات، الطبعة الأولى 1433هـ- 2012م، بيروت
اضف هذا الموضوع الى: