تقديم لكتاب الربيع الحسيني: لقطات من النهضة الحسينية
الشيخ عبدالله اليوسف - 28 / 12 / 2013م - 6:03 م
غلاف كتاب الربيع الحسيني
غلاف كتاب الربيع الحسيني

عندما يتصفح الباحث مسيرة الشعوب والأمم سيجد أن كثيراً من الثورات والانتفاضات حدثت في التاريخ قديماً وحديثاً؛ إلا أن ثورة الإمام الحسين لم تكن كسائر الثورات، فقد كانت استثناء في كل شيء، إذ شكلت انعطافة محورية في المجتمع والأمة، وصدمة في القلوب والنفوس، وتحريك للعقول والألباب، كما تسببت في اندلاع ثورات أخرى متتالية أدت في نهاية الأمر إلى سقوط الدولة الأموية وقيام الدولة العباسية.

ولذلك لم تقتصر آثار نهضة الإمام الحسين وثورته على اللحظة التاريخية التي حدثت فيها؛ بل امتد أثرها وتأثيرها ومفاعيلها وتداعياتها إلى كل العصور والأزمان، فلم تحدث ثورة في التاريخ استمر تأثيرها في الوجدان الشعبي والحراك الجماهيري كثورة الإمام الحسين ؛ لأنها العنوان إلى الحق والتضحية والإيثار والبذل من أجل الدين، كما أنها ترمز إلى العدل في مواجهة الظلم، والإصلاح في مواجهة الإفساد، والحرية في مواجهة الاستبداد، والقيم في مواجهة الانفلات، والأخلاق في مواجهة التحلل الأخلاقي.

وستبقى ثورة الإمام الحسين باقية وخالدة مهما تقادم الزمن؛ لأنها لم تكن ثورة عادية، ولم تكن بهدف دنيوي، ولم تكن من أجل تحقيق مصالح آنية؛ وإنما كانت صرخة في مواجهة الظلم، وثورة في مواجهة الباطل، ونهضة من أجل تحرير العقول، وتهذيب النفوس، وتغيير الواقع السلبي.

ومهما كُتِب عن ثورة الإمام الحسين ونهضته إلا أن هذه الثورة بطبيعتها تولد طاقة كتابية متجددة، وقد كُتِب عن ثورة الإمام الحسين العديد من الكتب والمؤلفات والمصنفات، وكل كاتب يتناول ما يراه مناسباً، أو ما ينسجم مع ميوله واهتماماته؛ إلا أن ميزة هذا الكتاب وأمثاله - من هذه السلسلة التي تُصدر كتاباً سنوياً ـ أنه يحتوي على مقالات ودراسات متنوعة لكُتَّاب متعددين، وقد جمع هذا الكتاب بين النثر والنظم، كما زاوج بين قراءة التاريخ والواقع المعاصر، ومحاولة فهم وربط أحداث كربلاء وسنن التاريخ وقواعده بما يحدث اليوم من تغيرات وثورات شملت أكثر من بلد إسلامي.

وهذا الإصدار السنوي الذي تقوم به لجنة الإمام الجواد بالشويكة في مدينة القطيف يمثل إضافة فكرية وأدبية للمكتبة الحسينية خاصة والمكتبة الإسلامية عامة؛ خصوصا وأنه يشتمل على رؤى متنوعة، وآفاق متعددة، وتحليلات مختلفة للقضية الحسينية.

وما كان لمثل هذا العمل الثقافي أن يستمر ويتواصل لولا جهود الأخوين المثابرين الأستاذ رضي العسيف، والأستاذ باسم البحراني وفقهما الله تعالى لمراضيه، وجعل هذا العمل في ميزان أعمالهما، وضاعف لهما الأجر والثواب، وأعانهما على المزيد من العطاء العلمي والثقافي... إنه سميع مجيب الدعاء.

               والله المستعان

عبدالله أحمد اليوسف
السبت 28/7/1434هـ
8/6/2013م
                                                                                                  

الكتاب صادر عن لجنة الإمام الجواد بالقطيف، ط.1/ 1435هـ-2014م، ويقع في 130 صفحة
اضف هذا الموضوع الى: