الشيخ عبدالله اليوسف: صديق الكتاب وحليف القلم والقرطاس
الشيخ علي محمد عساكر * - 25 / 5 / 2024م - 9:03 ص

الحمد لله الذي علم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم، والصلاة والسلام على النبي محمد وآله سادات الأمم، وأنوار الظلم.

تعتبر القراءة والكتابة من أكبر وأعظم النعم الإلهية على الإنسان، لما لها من قيمة وأهمية في حياته الخاصة والعامة، والدينية والدنيوية على السواء.

ويكفي في عظمة القراءة والكتابة وشرفهما أن أول ما نزل من الوحي الإلهي المقدس على قلب الحبيب المصطفى هو قول الحق سبحانه وتعالى: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ[1] .

ومما يكشف عن قدسية الكتابة والتدوين أن في القرآن الكريم سورة كاملة باسم (القلم) افتتحها الحق عز وجل بالقسم بكل أدوات الكتابة (وهي المحبرة والقلم والقرطاس) فقال جل وعلى: ﴿ن ۚ وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ[2] .

وفي تفسيره لهذه الآية الكريمة يقول العلامة الطباطبائي: «أقسم سبحانه بالقلم وما يسطرون به، وظاهر السياق أن المراد بذلك مطلق القلم ومطلق ما يسطرون به وهو المكتوب، فإن القلم وما يسطر به من الكتابة من أعظم النعم الإلهية التي اهتدى إليها الانسان، يتلو الكلام في ضبط الحوادث الغائبة عن الأنظار والمعاني، المستكنة في الضمائر، وبه يتيسر للإنسان أن يستحضر كل ما ضرب مرور الزمان، أو بعد المكان دونه حجابا.

وقد امتن الله سبحانه على الإنسان بهدايته إليهما، وتعليمهما له، فقال في الكلام ﴿خَلَقَ الْإِنسَانَ * عَلَّمَهُ الْبَيَانَ[3] ، وقال في القلم: ﴿عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ[4] .

فإقسامه تعالى بالقلم وما يسطرون إقسام بالنعمة، وقد أقسم تعالى في كلامه بكثير من خلقه بما أنه رحمة ونعمة، كالسماء والأرض والشمس والقمر والليل والنهار، إلى غير ذلك حتى التين والزيتون»[5] .

والحديث التفصيلي عمّا للقراءة والكتابة من فوائد عظيمة، وعوائد جليلة، لا تسعه هذه الوريقات، لأنه يحتاج إلى تأليف كتاب كبير الحجم، كثير الصفحات، وفيما أشار إليه العلامة الطباطبائي من بيان لهذا الفضل والشرف، وتلك القيمة والأهمية، كفاية ﴿لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ[6] .

الشيخ عبد الله اليوسف قارئاً وكاتباً

لعل من أبرز سمات سماحة الشيخ عبد الله بن أحمد اليوسف الحب الكبير للقراءة، والعشق العظيم للكتابة، فهو من القرّاء النهمين، ومن الكتّاب المكثرين، ولعلنا لا نغالي إذا وصفناه بأنه صديق الكتاب، وحليف القلم والقرطاس.

فالقراءة والكتابة هي عالمه الذي كان وما زال يعيش فيه، قارئا نهما، أو مؤلفا وكاتبا، كما يشير هو إلى ذلك في أكثر من مورد ومورد من كتاباته عن القراءة والكتابة.

ومن ذلك قوله أثناء حديثه عن ذكرياته بشأن هذا الموضوع: «لعل من أجمل الأمور وأحلاها استعادة الذكريات الجميلة، والحكايات المفيدة، والتجارب العملية في عالم القراءة والمطالعة، والتصنيف والتأليف، وهو العالم الذي كنت وما زلت أعيش بين أوراقه متصفحا وقارئا أحيانا، أو مسطرا ما يخطه قلمي من أفكار وآراء في أحيان أخرى، فلا أنفك أن أعيش إلا بين الأوراق، إما قارئا فيها، أو مسطرا في صفحاتها»[7] .

وسنحاول في هذا العرض أن نتحدث عن علاقته بالكتاب، واهتمامه بالقراءة، وتجربته في عالم الكتابة والتأليف، وسيكون مصدرنا الأساس في ذلك هو ما كتبه الشيخ اليوسف عن هذين الموضوعين، أو ما تحدث به عن نفسه وعن تجربته في هذا المجال.

حبه للقراءة

مما سبق أن قلناه عن كيفية الاهتمام بالعقل، ووجوب المحافظة عليه، والعمل على بنائه عن طريق القراءة[8] : «يتم الاهتمام بالعقل بالمحافظة عليه من كل ما من شأنه أن يعكّر صفوه، ويشوّه نقاءه، ويعطله عن القيام بوظيفته -كالمخدِّرات والمسكرات التي تميت العقل وتطفئ أنواره- وأن يستفيد منه في التفكر والتدبر في هذا الكون العظيم وأسراره العجيبة،  وأن ينيره بالعلم النافع، والمعارف المفيدة عن طريق الإكثار من القراءة والاطلاع، التي هي خير زادٍ لإثراء العقل، وإنارة الفكر، ممَّا يجعله يتفجر ينابيع متدفقة بالخير والعطاء.

ولا شك أنَّ الإنسان لا يستغني عن القراءة، لأنها هي التي تنير فكره، وتحيي عقله كما يحيي الغيث الأرض الموات.

وفي مقال لي عن القراءة وفضلها وأهميتها في حياة الإنسان، وما لها من فوائد وعوائد جمة، أشرتُ إلى أنه كما لا يستطيع الإنسان أن يستغني عن الغذاء لأنه المصدر الرئيس لحياته المادية، كذلك لا يستطيع الاستغناء عن القراءة، لأنها المصدر الرئيس لحياته الفكرية، وأكدت على أن الأعمى -واقعًا- ليس فاقد نعمة البصر، وإنما هو المحروم من نعمة القراءة»[9] .

ويرى الشيخ عبد الله اليوسف أن «القراءة من أهم الوسائل للارتقاء العقلي، والإثراء العلمي والفكري والمعرفي، والاطلاع على أفكار وآراء وتجارب ومنجزات العقل البشري عبر التاريخ.

والقراءة تضيء العقل، وتطوّر الشخصية، وتثري الفكر، وتحفّز التفكير، وتصقل المواهب، وتنمّي القدرات، وتقوّي الثقة بالنفس، وتوسّع الأفق، وتجدّد الأفكار، وتغيّر القناعات، وتزيد من المخزون العلمي عند الإنسان»[10] .

وهذه النظرة الواعية للقراءة وأهميتها في حياة الإنسان، وما يمكن أن تحققه له من مكاسب، وما يمكن أن يجنيه منها من ثمرات، هي التي جعلت الشيخ اليوسف يعشق الكتاب، ويهتم به، وينفتح على عالم القراءة والكتابة منذ صغره ونعومة أظفاره، خصوصا وأنه كان مهتما بتنمية الجانب العقلي في شخصيته وهو في سن الطفولة المبكرة، ورأى أن أهم عامل في بناء ذاته، وإنارة عقلة، وإضاءة فكره، وإثراء معلوماته ومعارفه العلمية والفكرية والثقافية هو الاهتمام بالكتاب، والمواظبة على القراءة.

وهكذا انفتح على هذا العالم الرحب، الذي رآه منسجما مع طبيعته وتوجهه، ومتوافقا مع ميوله ورغباته، إلى أن قويت العلاقة وتوطدت الصداقة بينه وبين الكتاب، وأصبحت القراءة معشوقه الأول منذ أن كان طفلا صغيرا، حتى أنه في الوقت الذي كان فيه الأطفال ينفقون ما يتحصلون عليه من نقود أو مصروف للمدرسة على شراء اللعب وغيرها، كان هو يجمع نقوده ومصروفه المدرسي ليشتري به كتابا.

وقد بدأ في العمل على تكوين مكتبته الخاصة وهو في قرابة الخامسة عشرة من عمره، حيث كان وهو في هذا العمر الصغير يتردد بين حين وآخر على المكتبات في القطيف والدمام لشراء ما يروق له من كتب ومؤلفات ثقافية وفكرية وأدبية، ويقبل على قراءتها بعناية واهتمام.

وكان منفتحا في القراءة، فيقرأ كل كتاب، لأي كاتب، في أي مجال، لأنه انطلق من قاعدة (كل كتاب فيه فائدة، وأعلم الناس من جمع علم الناس) مما جعله يقرأ لمختلف المؤلفين من مختلف الطوائف والمذاهب، بمختلف الآراء والتوجهات والمدارس الإسلامية وغيرها.

وفي حديثه عن اهتمامه بالقراءة، وإكثاره منها، وأمنيته المتعلقة بها، يقول: «كلما انتهيت من قراءة كتاب اشتقت لقراءة كتاب آخر، تماماً كمن يشرب من ماء البحر لا يزيده إلا عطشاً، وأنا كلما استغرقت في قراءة الكتب ازددت تلهفاً وشوقاً للغوص في أعماق المعرفة، والبحث عن قيعان العلم إن كان له قيعان، وأنَّى له ذلك!

أمنيتي المفضلة في عالم القراءة والمطالعة أن أتمكن من قراءة كل الكتب، وكل المجلات والصحف، وكل ما يكتب وينشر من نتاج معرفي مهما كان نوعه ومساره.

وكم أحلم -والحلم شيء مشروع- أن يكتشف العلم يوماً ما أنه بالإمكان تحويل الكتب من الورق وصهرها في علبة كالدواء، ثم توضع في إبرة أو كبسولة وتعطى للإنسان القارئ كي يتغذى عقله بكل العلم والمعرفة!

فعمر الإنسان محدود وقصير، ولن يتمكن أن يقرأ كل شيء، أو يتابع كل جديد، أو يفهم كل علم، ولا سبيل لذلك -بالنسبة لي- إلا يوضع كل ذلك النتاج البشري في كبسولة أشربها وأشرب العلم معها!»[11] .

وكأنه بكلامه هذا يجسد ما جاء في الأحاديث الشريفة من التأكيد على أن من ذاق حلاوة العلم فإنه لا يشبع منه، ولا يكلّ من طلبه، ولا يملّ من السعي وراء اكتسابه، كالحديث المروي عن رسول الله : «أجوع الناس طالب العلم، وأشبعهم الذي لا يبتغيه».

وقوله عليه وآله أفضل الصلاة وأزكى السلام: «كل صاحب علم غرثان إلى علم».

والغرثان هو الجوعان، والمعنى أن العالم الحقيقي هو الذي لا يشبع من العلم، فكلما طلبه كلما اشتد الجوع به فازداد في طلبه، أو كلما طلب علما أخذه جوعه إلى علم آخر، وهو ما يؤكد الإمام أمير المؤمنين بقوله: «العالم من لا يشبع من العلم ولا يتشبع به»[12] .

ولعل السبب في ذلك هو أن العلم لا نهاية له، وأن الإنسان كلما ازداد في طلبه كلما اكتشف جهله، وتعرف على نواقصه العلمية، ولأنه مفطور على حب الكمال، تراه يجد أكثر فأكثر في طلب العلم ليكمل ما به من نقص، ويتخلص مما يعانيه من جهل.

ورغم كثرة طرق الحصول على العلم، واكتساب المعرفة، إلا أنه لا شك أن المواظبة على القراءة، والإكثار منها من أهم تلك الطرق وأفضلها.

ولعل هذا ما أدركه الشيخ اليوسف عمليا، إضافة إلى الفوائد الأخرى المترتبة على القراءة، التي أيضا كان الشيخ اليوسف ملما بها، مدركا لها، وقد تحدث عنها، وأشار إليها في بعض كتاباته، ومن ذلك ما أشار إليه في بعض مقالاته من أن القراءة:

1. مصدر للعلم والمعرفة.

2. تنمي شخصية الإنسان، وتطور ذاته.

3. تفتح له آفاقا جديدة في العلم والمعرفة المختلفة.

4. تساعده على إتقان مهارة الكتابة والتأليف.

5. تخلصه من التوتر والضغوط النفسية.

6. تمنحه الشعور بالراحة والمتعة والسعادة[13] .

وهذا كله هو الذي ولّد لدى الشيخ اليوسف ذلك الحب الكبير للقراءة، وجعل علاقته تتوطد بالكتاب، فأصبح كلما ازداد قراءة كلما ازداد عطشا إلى القراءة، كما سمعنا في حديثه عن حبه للقراءة، وعشقه لها، وهيامه بها، وشوقه إليها. 

عشقه للكتابة

كما كان الشيخ اليوسف واعيا لأهمية القراءة، مقبلا عليها وهو في مرحلة مبكرة من عمره، كذلك كان مدركا لقيمة الكتابة، عارفا بمدى أهميتها، وأثرها في الحياة.

وقد تكلم عن الكتابة وفضلها عدة مرات، سواء في حواراته، أو محاضراته، أو كتاباته ومؤلفاته، وفي ذلك كله كان يشيد بالكتابة إشادة كبيرة، ويبين مدى الاهتمام الإسلامي بها، ويستشهد على ذلك بما ورد في فضلها من نصوص إسلامية في الكتاب والسنة، ويوضح الآثار المترتبة عليها، والفوائد التي تجنيها البشرية من ورائها.

فله كتيب يقع في (69) صفحة، بعنوان (تجربة قلم: حكايتي مع القراءة، وقصتي مع الكتابة) تحدث فيه بالتفصيل عن هذه التجربة الثرية الغنية التي زادت -حين تأليف هذا الكتيب- عن الثلاثين سنة.

كما أن الجزء الثالث من حوار الأستاذ ناصر حسين المشرف معه كان للحديث عن قصته مع القراءة، ليأتي الجزء الرابع في الحديث عن تجربته الكتابية[14] .

ومساء يوم الاثنين 10 رمضان 1427هـ استضافته (جماعة الهدى للتعليم بالقديح) ليقدم محاضرة عن الكتابة بعنوان (كيف تكون كاتبا ناجحا) تكوّنت من ثلاثة محاور على النحو التالي:

المحور الأول: الاهتمام الإسلامي بالقراءة والكتابة.

المحور الثاني: أهمية الكتابة وفوائدها.

المحور الثالث: كيف تكون كاتبا ناجحا[15] .

وأثناء حديثه في تلك المحاضرة عن أهمية الكتابة وفوائدها ذكر أربعة أمور، أشار إليها الأستاذ حسين منصور الشيخ في تغطيته لهذه المحاضرة، ونحن ننقل منها محل الحاجة بنصه:

1. الكتابة هي الوسيلة لنقل العلوم والمعارف، فبدون تدوين العلوم وتسجيلها في الكتب لا تنتقل من عصر لعصر ومن حضارة إلى حضارة أخرى.

2. الكتابة سبيل للتراكم العلمي والمعرفي والثقافي، فالحضارة الماثلة أمامنا اليوم هي نتاج لما دوّنه السابقون، وتراكم كبير في جميع مجالات المعرفة والعلم.

3. الكتابة دليل على تحضّر الأمم والشعوب، فالأمة المنتجة فكريًّا ومعلوماتيًّا هي صاحبة المركز المتقدّم بين أمم العالم اليوم.

4. الكتابة تساهم في حفظ التاريخ الإنساني والحضاري، فالأحداث التاريخية التي حدثت قبل آلاف ومئات السنين لولا الكتابة ما وصلت إلينا.

والتاريخ هو تجربة الإنسان على الأرض، ومن الضروري أن يستفيد إنسان كل عصر من تجارب السابقين ويتعلّم من الأمم السابقة والحضارات الأخرى.

وهذه النقاط الأربع، التي أيضا ذكرها الشيخ اليوسف في ص39-41 من كتابه (تجربة قلم)، وغيرها مما ذكره الشيخ في مناسبات أو كتابات مختلفة عن الكتابة وشرفها، ومدى أهميتها في حياة الأمم والشعوب، تدل على اطلاعه على ما يؤكده المختصون في عالم الكتابة، إضافة إلى ما لديه من إدراك ذاتي عن هذه الأهمية العظيمة جدا.

أضف إلى ذلك اطلاعه على النصوص الإسلامية الواردة في فضل الكتابة، والإشادة بها، والدعوة إليها.

فأثناء حديثه عن تجربته الكتابية يقول [16] : «للكتابة دور مؤثر ورئيس في تقدم الشعوب والأمم، ونشر العلم والمعرفة، وتثقيف الناس بالمعارف الإنسانية والعلمية؛ فالكتابة الهادفة رسالة يستطيع من خلالها الكاتب أن ينتج أفكاراً ومعارف ونظريات تساهم في التنوير والتوعية العلمية والثقافية والمعرفية.

ومما يدل على أهمية الكتابة قوله تعالى: ﴿ن ۚ وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ[17] ، ومن المعروف عند المفسرين أن الله سبحانه وتعالى عندما يُقسم بشيء فهذا يدل على عظمة المقسوم به، فعندما يُقسم الله عز وجل بالقلم وبما يسطره القلم من علم ومعرفة، فهذا يدل بوضوح على أهمية الكتابة ودورها في تقدم المجتمعات البشرية وازدهارها».

وفي مورد آخر يقول[18] : «مما يدل على اهتمام الإسلام بمسألة الكتابة تأكيد القرآن الكريم في الكثير من الموارد على أهمية الكتابة، فقد بلغ اشتقاقات مادة ﴿كتب في القرآن الحكيم 27 مرة.

وورد في السنة الشريفة الكثير من الأحاديث الدالة على شرف الكتابة وفضلها، فقد ورد عن الرسول الأعظم قوله: «إذا كان يوم القيامة وزن مداد العلماء بدماء الشهداء، فيرجح مداد العلماء على دماء الشهداء[19] .

وقال الإمام علي : «من مات وميراثه الدفاتر والمحابر وجبت له الجنة)[20] .

وقال الإمام الصادق : «اكتبوا، فإنكم لا تحفظون حتى تكتبوا)[21] . 

ونظرا لهذا الوعي والإدراك الذي يملكه عمّا للكتابة من فوائد وثمرات، وكذا وقوفه على ما في النصوص الإسلامية من إشادة بها، وتمجيد لها، أحب الشيخ اليوسف الكتابة حبا لما، وعشقها عشقا جما، وأصبحت علاقته بها علاقة الرمش بالعين، والذراع بالعضد، بل أصبحت هي روحه التي بها يحيى ويعيش!

وقد عبّر هو عن هذه العلاقة وقوتها، وذلك العشق وعظمته، فقال: «بالنسبة لي شخصياً فإن الحديث عن القراءة والكتابة هو حديث عن الذات، وعن الأنا، فذاتي لا تتحقق إلا بهما، فقد أحببت الكتاب منذ أن كنت فتى يافعاً، ولا زلتُ لا أستطيع أن أعيش إلا في أجواء الكتب تحوطني من كل حدب وصوب، بل أحياناً أنام في المكتبة لعشقي لها!

أما الكتابة فهي تمثّل لي المعشوقة الجميلة التي لا يضاهيها في العشق شيء آخر...الكتابة هي جزء من حياتي، وهي هوايتي المفضلة، وهي معشوقتي التي لا أستطيع فراقها!»[22] .

ومما يؤكد هذا الحب والعشق، كثرة إنتاجه من مؤلفات ودراسات ومقالات وحوارات وأجوبة أسئلة...وغير ذلك مما سنشير إليه في مستقبل هذا العرض.

ممارسته للكتابة منذ الصغر

يظهر أن سماحة الشيخ اليوسف كان -منذ صغره- يملك عقلية واعية، ساعدته كثيرا على أن يعي ويستوعب ما يقرأ حتى وهو في مقتبل عمره، وحين كان يشتري الكتب من مصروف دراسته، وإلا لما كان ليقبل على الشراء والقراءة، إذ أن عدم الفهم والاستيعاب -عادة- يكون منفرا للإنسان.

كما يظهر أيضا أن شغف الكتابة كان موجودا لديه في مرحلة مبكرة جدا من عمره، وأيضا كان يملك من الجرأة والشجاعة ما جعله يمارس الكتابة، ويعرض ما يكتب على الآخرين دون خوف أو رهبة.

وكانت كتابته في تلك المرحلة المبكرة مقبولة، وتنال استحسان الآخرين بها، وتفوز برضاهم عنها، وتقديرهم لها.

ومن الشواهد العملية على ذلك أنه حين كان في الصف الثاني من المرحلة المتوسطة طلب منهم معلم مادة التعبير كتابة موضوع لم يحدد لهم موضوعه ولا عدد صفحاته، فكتب الشيخ اليوسف موضوعا أشبه شيء بالبحث المختصر، إذ بلغت صفحاته (18) صفحة!

ومع ذلك كان الموضوع متكاملا في بنيته، متماسكا في فكرته، متسلسلا في نتيجته، ولو بما يتناسب مع عمر الشيخ حينها، مما جعل المعلم يستغرب ذلك، ويسأله عمّن كتب له هذا الموضوع؟! ليجيبه بأنه هو.

ولعدم تصور المعلم بأن يكتب تلميذ في المرحلة المتوسطة هذا العدد من الصفحات، وبهذا المستوى من الجودة، ظن أنه قد نقله من أحد الكتب، لولا أن الشيخ أكد له أنه هو صاحب الموضوع، وقد كتبه من إنشائه، ومن بنات أفكاره، ونتيجة ما يملكه من معرفة واطلاع!

فرد المعلم مبدياً تعجبه: غير معقول!

فأكد الشيخ له ذلك، وأخبره عن عشقه للكتاب، وحبه للقراءة، وإكثاره منها، مما ولّد لديه مخزونا ثقافيا جيدا، ساعده على كتابة هذا الموضوع، الذي جعل المعلم يبدي إعجابه به، وإكباره له، ويعطيه الدرجة كاملة[23] .

انطلاقته في عالم التأليف والكتابة

بدأت انطلاقة سماحة الشيخ عبد الله اليوسف الحقيقية في عالم الكتابة والتأليف من تأليف كتابه «الإمام الهادي: قراءة تحليلية للسيرة الفكرية والسياسية في حياة الإمام الهادي »

وهو -في طبعته الثانية- يقع في (138) صفحة، ويتكون من فصلين وخاتمة.

الفصل الأول: أعمال الإمام الهادي .

الفصل الثاني: دروس وعبر من حياة الإمام الهادي .

الخاتمة: قصار الحكم للإمام الهادي .

فهذا الكتاب هو باكورة أعماله، وأول مؤلفاته، وقد ألفه وهو مرحلة الشباب، وتم طبعه للمرة الأولى والشيخ اليوسف ابن 21 سنة لا أكثر.

ولتأليف هذا الكتاب قصة لطيفة، ذكرها الشيخ نفسه في مقدمة الطبعة الثانية بقوله نصا: «لتأليف هذا الكتاب عن الإمام العاشر من أئمة أهل البيت عليهم السلام قصة، تتلخص في أن الحوزة العلمية التي كنت أدرس فيها أعلنت عن مسابقة لتأليف كتاب عن الإمام الهادي عليه السلام، على أن تقوم الحوزة بطباعة الكتب الفائزة بالجوائز الثلاث الأولى، فقررت المشاركة في المسابقة، وشرعت بقراءة الكتب التي تتناول حياة الإمام الهادي عليه السلام، وفوجئت بقلة ما نقله لنا التاريخ عن حياة الإمام الهادي عليه السلام، وقلة المصادر التي تتحدث عن حياته الشريفة بشكل تفصيلي.

ومع ذلك، لم أتراجع عن تصميمي على الكتابة عن حياة الإمام الهادي، واخترت أن أكتب عن البعد الفكري والدور السياسي للإمام الهادي عليه السلام، وهو الجانب الأصعب في الكتابة عن حياته عليه السلام، باعتبار قلة المادة في هذا الجانب، وعدم تطرق الكُتَّاب إلى هذا الموضوع بصورة تحليلية إلا فيما ندر.

وتوكلت على الله تعالى، وأنجزت الكتاب خلال أسبوع واحد من شهر رمضان المبارك لعام 1404هـ، وقدمته للجنة المشرفة على المسابقة.

وكانت المفاجئة السارة لي أن الكتاب قد فاز بالجائزة الأولى في المسابقة، وقد غمرني الفرح والبهجة لذلك الخبر السَّار!

وبعد فترة قصيرة من الزمن، صدر الكتاب مطبوعاً، وكان هذا باكورة أعمالي في عالم التأليف، وقد شعرت بسعادة لا توصف وأنا أرى أن كتاباً يصدر لي للمرة الأولى في حياتي، وعمري آنذاك لا يتجاوز 21 عاماً، مما شجعني على مواصلة مشوار الكتابة والتأليف، كل ذلك ببركة الإمام الهادي »[24] .

وهنا يجب أن نلاحظ عدة أمور، أظن أنها مهمة جدا، ويجدر بنا أن نشير إليها، وهي:

أولا-الثقة بالنفس

فنحن نلاحظ أنه رغم صغر عمر الشيخ اليوسف وعلمه بوجود طلبة علم آخرين سيشاركون في المسابقة، ربما هم أكبر منه عمرا وأكثر خبرة في الكتابة والتألف، إلا أنه كان واثقا جدا في نفسه وفي قدرته على البحث والكتابة، فلم يشكك فيما لديه من مواهب وطاقات وقدرات، ولم يتهيب من المشاركة في المسابقة.

وهذا درس مهم جدا في الثقة بالنفس يجب أن نتعلمه جميعا، لنحقق لأنفسنا النجاح والإبداع في كل شؤون حياتنا، سواء كانت الكتابة أم غيرها.

وهنا أتذكر حادثة لطيفة متعلقة بهذا الموضوع، ذكرتها في كتيب صغير لي بعنوان (لكي تكون كاتبا ناجحا) أثناء حديثي عن أهمية الثقة بالنفس، والإيمان بالقدرات، وعدم الخوف حتى من منافسة الكبار، كعنصر أساس من عناصر النجاح في الكتابة والتأليف، حيث قلت عن هذه الثقة وأهميتها بالنسبة للكاتب: «تعتبر الثقة بالنفس من أهم مفاتيح وأسرار النجاح والتفوق، فإن الواثق بنفسه، المطمئن إلى قدراته وطاقاته، يكون بإمكانه أن يحوّل المستحيل إلى ممكن، وأن يأتي بالعجب العجاب، وأن يحقق إنجازات كبيرة وبتميز كبير.

ومن خلال ثقة الإنسان بنفسه أيضا يستطيع أن يكتشف الكثير من المواهب التي أودعها الله فيه وهو في غفلة عنها.

ولكن المؤسف حقاً أن الكثيرين من الناس يعيشون بروح انهزامية، ويعانون من عدم الثقة بأنفسهم، والاطمئنان إلى قدراتهم ومواهبهم، فيقضون بذلك على آمالهم العريضة، وأحلامهم الكبيرة في الحياة.

وهنا أذكر حادثة عايشتها بنفسي، وأظنها تصلح أن تكون مثلاً لما نحن بصدد الحديث عنه، كما أن فيها عظة وعبرة لأولي الألباب:

فقبل سنوات وجيزة انطلقت من الإمارات العربية المتحدة مسابقة أدبية شعرية على مستوى الوطن العربي، وجمعني لقاء بأحد الأصدقاء من الشعراء المميزين في بعض القرى المجاورة، فاغتنمت الفرصة وعرضت عليه فكرة المشاركة في المسابقة، وكم كان رده مخيباً للآمال حين قال لي: هذه المسابقة على مستوى الوطن العربي، وسيشارك فيها كبار الشعراء العرب، فكيف أشارك؟! وأين سيكون موقعي من الإعراب وسط هؤلاء الفطاحل؟!

فقلت له وقد أخذني العجب من جوابه: ما ظننتك هكذا يا رجل! فهذه روح انهزامية، وبلادة في التفكير لا ينبغي أن تصدر من شخص واعٍ ومثقف مثلك، وصدقني لو كانت المسابقة في النثر وليس في الشعر، لكان وجود أكابر الكتاب على مستوى الوطن العربي أكبر محفّز ومشجع لي على المشاركة في المسابقة، فإن الاحتكاك بمثل هؤلاء الكبار من شأنه أن يصقل الموهبة وينميها، لذا سأندفع إلى المشاركة ليس بقصد المشاركة فقط، بل بحثاً عن الفوز أيضاً، فإن تحقق أكون قد حققت لنفسي إنجازاً كبيراً يحق لي أن أفخر به، وإن كانت الأخرى أكون قد كسبت خبرة جديدة تؤهلني للفوز في المرات القادمة.

هكذا يجب أن يكون التفكير، وهكذا يجب أن نمنح أنفسنا الثقة والتفاؤل، قل لنسفك دائماً: إن الله وهبني طاقات كبيرة، وأعطاني القدرة على استثمارها والاستفادة منها، وبالجد والمثابرة سوف أحقق النجاح، وأصل إلى القمة، والذين نجحوا ليسوا أفضل مني، فأنا أتمتع بما يتمتعون به من طاقات عقلية وفكرية وإبداعية، فكما نجحوا أنا أيضاً سأنجح.

وبهذه الطريقة الإيجابية من التفكير والثقة بالنفس قطعاً سننجح وبتفوق وامتياز، سواء في مشروع الكتابة أم في غيره من مشاريع الحياة»[25] .

وحقيقة الشيخ اليوسف جسد هذا المعنى عمليا في إقدامه على المشاركة في هذه المسابقة بكل ثقة، ومن دون أي خوف أو تردد، رغم صغر سنه، وعدم اكتمال خبرته.

وهذه الثقة هي التي حققت له الفوز أولا، وجعلته يلج عالم الكتابة من أوسع أبوابها، لينتج كل ما أنتج من مؤلفات ومقالات ثانيا، ولو لم يكن واثقا في نفسه، مؤمنا بطاقاته وقدراته، لما أقدم على المشاركة في المسابقة حينها، ولما ألف بعدها كل ما ألف، ولا كتب كل ما كتب.

ثانيا-حسن اختيار الموضوع

من أهم مقومات الكتابة الناجحة أن يحسن الكاتب اختيار موضوع كتابه، وذلك وفق معايير معينة، منها -على سبيل المثال- مدى الحاجة إليه، وتوفر مصادر البحث فيه، والقدرة على الكتابة عنه...وإلى غير ذلك مما يجب ملاحظته عند الاختيار.

ومما أشار إليه الشيخ اليوسف في هذه القصة نلاحظ وجود هذه القدرة لديه رغم صغر سنه في ذلك الوقت، فقد اختار موضوعا شخّص أن الساحة تفتقر إليه لقلة أو ندرة الكتابة فيه، كما رأى أنه مهم جدا في بابه، لأنه يكشف عن مدى عظمة الإمام الهادي وقدرته صلوات الله وسلامه عليه على التعامل مع الأحداث السياسية والفكرية بما يحقق المصلحة الإسلامية العليا، وإلى غير ذلك مما له علاقة بهذا الموضوع المهم جدا في دراسة حياة المعصومين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.

ثالثا-الهمة والعزيمة

فلا يمكن للإنسان أن ينجز أي عمل من الأعمال -سواء الكتابية أم غيرها- ما لم يتصف بالهمة والعزيمة وقوة الإرادة.

وسبق أيضا أن تحدثت عن هذه النقطة المهمة جدا فقلت: «إن الكسل والخمول لا يورثان إلاّ الفشل والخسارة، وقد رأينا الكثيرين من الناس بدأوا مشاريعهم بقوة وحيوية فحققوا شيئاً من النجاح، ولكنهم في نصف الطريق ركنوا إلى الكسل والخمول، وضعفت عزيمتهم وإرادتهم فانقلب نجاحهم خسارة، وذهب تعبهم أدراج الرياح.

والذي يجب أن نفهمه هو أن مجال الكتابة والتأليف بقدر ما هو عذب وجميل هو صعب وشاق وعسير، ويحتاج إلى عزيمة متينة، وإرادة صلبة، وصبر لا حد له، وبذل الكثير الكثير من الجهدين الفكري والجسدي، ويأخذ الكثير الكثير من الوقت، وقديماً قيل: لو أعطيت العلم كلك لما أعطاك إلاّ بعضه.

والكتّاب يدركون هذه الحقيقة جيدا، وكل من سيوفقه الله لولوج هذا العالم العظيم سيقف بنفسه على هذه المصاعب التي ستواجهه من رسم خطة البحث، وتبويب الكتاب، أو تقسيمه إلى فصول، والإعداد لعناصر كل فصل وباب، وسهر وبحث، وتدقيق وتأمل في المعلومة، وتدوين الملحوظات، وكتابة المسودة، ومن ثم صياغتها صياغة نهائية، ومعاودة القراءة والتبييض لبعض الأخطاء، والتنقيح لبعض العبارات...وإلى ما هنالك من أمور صعبة ولكنها ليست مستحيلة، بل يمكن تحقيقها بالعزيمة وقوة الإرادة.


وكلنا لاحظنا مدى الصعوبة في إعداد كلمة مختصرة لا تتجاوز الصفحتين، فما بالك بتأليف الكتب المطولة، والبحوث الكبيرة؟!

إذن هو مشروع شاق وعسير كما قلت، ولكن العزيمة دائماً أكبر من كل شي، ومن يريد أن يمتهن الكتابة فلابد أن يتحلى بالهمة والعزيمة وقوة الإرادة»[26] .

ولقد كان الشيخ اليوسف متصفا بهذه الهمة العالية والعزيمة القوية أثناء مشاركته في هذه المسابقة، فبمجرد أن اتخذ قرار المشاركة عكف على قراءة المصادر والكتب المتعلقة بحياة الإمام الهادي عليه السلام ليأخذ فكرة عامة تساعده على اختيار موضوع بحثه.

ورغم ما لاحظة من قلة المصادر التي تناولت شخصيته وتحدثت عن سيرته وحياته عليه السلام بشكل تفصيلي[27] ، إلا أنه لم يتراجع عمّا عزم عليه من المشاركة، بل واختار الموضوع الأصعب -حسب تعبيره- ليكتب فيه، ثم تفرغ تفرغا كاملا لبحثه لينجزه في أسبوع واحد لا أكثر.

وهذا كله فعلا يكشف عن إرادة وهمة وعزيمة وتصميم، لولا أن الشيخ اليوسف اتصف بها وإلا لما تمكن من تأليف كتابه في هذا الوقت القياسي.

والمهم أن قصة تأليف الشيخ عبد الله اليوسف لأول كتبه تنطوي على الكثير من الدروس والعظات والعبر، التي يجدر -خصوصا بالشباب والمقبلين على مشروع الكتابة والتأليف- أن يستفيدوا منها، مع التأكيد عليهم بالتأني وعدم الاستعجال في الطباعة قبل أن يشتد عودهم، ويطمئنوا إلى ما تنتجه عقولهم، وتسطره أقلامهم، فنحن نتكلم عن مرحلة كانت قبل قرابة الثلاثين سنة أو أكثر من الآن، ولا شك أن الزمن غير الزمن، وما كان يمكن أن يقبل في ذلك العصر ليس بالضرورة أن يكون مقبولا أو متناسبا مع عصرنا هذا.

كثرة إنتاجه

ربما مما يؤكد لنا همة الشيخ اليوسف، ونشاطه الدائم في عالم الكتابة والتأليف هو كثرة وغزارة إنتاجه من كتب وكتيبات ومقالات، لا يمكن أن ينتجها الكسل والخمول، ولا الركون إلى الدعة والراحة.

ومن الصعوبة بمكان أن نتحدث تفصيلا عن هذا النتاج الكثير، لكننا نشير إلى بعضه على نحو الإجمال:

أولا- المؤلفات

للشيخ اليوسف الكثير من المؤلفات ما بين كتب وكتيبات، وقد أشار الكاتب الأستاذ علي المحمد علي إلى أن المطبوع منها باللغة العربية وصل إلى (66) كتابا، ذكرها بأسمائها[28] .

كما أن بعض كتبه ومؤلفاته تُرجمت إلى عدة لغات حية، كالإنجليزية والسواحلية والتركية والآذارية والفارسية[29] ، والهندية، والبنغالية، والأوردية[30] . 

وكتب الشيخ اليوسف وكتيباته متنوعة ما بين السيرة والتاريخ والأخلاق والتربية والقضايا الاجتماعية والثقافية، بل وفي تطوير الذات، وقضايا الشباب...وغيرها.

وبعض مؤلفاته قدم لها يعض الشخصيات العلمية الدينية والأكاديمية، إضافة إلى تقديم بعض المراكز التي قامت بطبع ونشر تلك المؤلفات[31] .

كما قدمت بعض العروض لبعض مؤلفاته، أو قراءة لها، وإن كان بعضها مختصر جدا، وأشبه شيء بالكلمة الانطباعية لا أكثر، تجدها أو بعضها في قسم (كتاب الموقع) من موقع سماحته.

ثانيا- الدراسات والمقالات

كتب الشيخ عبد الله اليوسف مجموعة كبيرة من الدراسات والمقالات، وهي أيضا متنوعة ما بين دينية واجتماعية وغيرها، وبعض هذه الدراسات نشرها في بعض الصحف والمجلات، مثل:

1- مجلة (الإصلاح الحسيني) وهي مجلة فصلية علمية، تعنى بالنهضة الحسينية وآفاقها الفكرية، وتصدر عن مؤسسة وارث الأنبياء للدراسات الحسينية، التابعة للعتبة الحسينية المقدسة في النجف الأشرف.

2- مجلة (المبين العلمية) وهي مجلة فصلية محكّمة، تعنى بعلوم كتاب نهج البلاغة، وبسيرة الإمام علي وفكره، وتصدر عن مؤسسة علوم نهج البلاغة، التابعة للعتبة الحسينية المقدسة في كربلاء بالعراق.

3- مجلة (العميد) وهي مجلة فصلية محكّمة، تعنى بالأبحاث والدراسات الإنسانية، وتصدر عن مركز العميد الدولي للبحوث والدراسات، التابع للعتبة العباسية المقدسة بكربلاء.

4- مجلة (المصباح) وهي مجلة علمية فصلية محكمة، تعنى بالدراسات والأبحاث القرآنية، وتصدر عن العتبة الحسينية المقدسة في كربلاء.

وغيرها من المجلات العلمية المحكمة وغير المحكمة، ويضم قسم (مقالات ودراسات) من موقعه (96) مقالة ودراسة، وهو عدد كبير لو تم جمعه وتنسيقه لخرج في أكثر من كتاب.

ثالثا- أجوبة الأسئلة

إضافة إلى مؤلفاته ومقالاته ودراساته، أيضا هناك أجوبته الكتابية على الأسئلة، التي عادة لا يكتفي فيها الشيخ بالإجابة المباشرة، بل يضمن الجواب بعض الشروح أو التعليقات، ليكون الجواب أشبه شيء بالمقالة المختصرة.

ويوجد في قسم (لكل سؤال جواب) من موقعه، مجموعة لا بأس بها من هذه الأجوبة، مفهرسة ومنسقة في عدة أقسام حسب طبيعة السؤال ونوعه، على النحو التالي:

- أسئلة في الفقه.

-أسئلة في علوم القرآن.

- أسئلة في أصول الفقه.

-أسئلة في العقائد.

-أسئلة في التاريخ.

- أسئلة في المعارف الدينية.

- أسئلة حول المرأة.

 -أسئلة متنوعة.

- أسئلة في التربية الأخلاقية.

 -أسئلة في الثقافة والفكر.

 -مشاكل وحلول.

ويوجد في كل قسم من هذه الأقسام مجموعة من الأجوبة قلّت أو كثرت، وهو نشاط كتابي، أيضا ربما لو تم العمل على جمعه وتنسيقه لأمكن أن يخرج في كتاب، أو كتيب.

رابعا- ملخص المحاضرات

كذلك دأب الشيخ عبد الله اليوسف على كتابة ملخصات محاضراته التي يلقيها كل يوم جمعة في مسجد الإمام الهادي الذي يؤم المصلين فيه إلى سنة 1430هـ، وكذا في مسجد الرسول الأعظم ببلدة الحلة بالقطيف، الذي بدأ الصلاة فيه  بتاريخ 18 ذي الحجة 1430هـ وما زال إلى اليوم.

ويضم موقعه (212) من هذه الملخصات في قسم (منبر الجمعة)

وكل هذا النتاج الكثير والمتنوع يؤكد لنا حقيقة ما عبّر به الشيخ اليوسف عن حبه للقراءة، وعشقه للكتابة، ويثبت أنه فعلا صديق الكتاب، وحليف القلم والقرطاس.

الخاتمة

هناك مواضيع أخرى متعلقة بالموضوع لم أحاول التطرق إليها حتى لا أطيل أكثر مما أطلت، مثل الحديث عن منهج الشيخ اليوسف في التأليف، وأسلوبه في الكتابة، وكذا القيام بعرض بعض مؤلفاته، وإلى غير ذلك مما يستدعي الحديث عنه أن نملأ صفحات أخرى كثيرة.

كما أحب أن أشير إلى أن كل هذا العرض إنما هو فقط في الحديث عن علاقة الشيخ اليوسف بالكتاب والكتابة، والإشارة إلى كثرة إنتاجه وتنوعه، من دون إبداء أي رأي فيما هو محل اتفاق أو اختلاف معه في الرؤى والأفكار، كما لم أحاول أن أطرح وجهة نظري في قلمه، ولا في مستواه في الكتابة، أو منهجه في التأليف، أو أسلوبه في العرض والتناول، أو ما شابه ذلك مما رأيت أن التطرق إليه يحتاج إلى كتابة بحث آخر، كما أن هذه المواضيع -بحسب تشخيصي- ليس لها كبير علاقة بصلب موضوعي هذا، الذي هو مخصص للحديث عن حبه للقراءة، وعشقه للكتابة لا أكثر.

وكل ما أتمناه أن أكون قد وفقت في هذا العرض، ليكون كاشفا عن هذه الجهود التي يبذلها شيخنا اليوسف في خدمة العلم والفكر والثقافة، والتي هي -كما رأينا- جهود كثيرة وكبيرة جدا، تستحق منا كل الشكر والتقدير، بغض النظر عما يمكن أن يكون بيننا وبينه فيها من اتفاق أو اختلاف فيما أنتجه فكره، وسطره يراعه، وبغض النظر عمّا يمكن أن يختلف فيه المختلفون من تقييم لهذا النتاج من حيث القيمة والأهمية.

فالشيخ اليوسف بذل جهودا كبيرة جدا في حقل الكتابة والتأليف، وأظنه يصلح أن يكون قدوة للكتّاب والباحثين في الجد والاجتهاد والمثابرة في مشاريعهم الكتابية، التي هي من أهم المشاريع في خدمة العلم والفكر والثقافة والأدب.

وختاما: أشكر الأخ العزيز الأستاذ (علي المحمد علي) كونه السبب المباشر بعد الله عز وجل في كتابة هذا العرض المتواضع عن جهود الشيخ اليوسف في الكتابة والتأليف، لأنه -وانطلاقا من ثقته بقلمي، وحسن ظنه بشخصي المتواضع- طلب مني أن أكتب موضوعا عن الشيخ اليوسف ليضمنه كتابه الذي يعكف على تأليفه عن سماحته.

ومن لطفه أن ترك لي حرية اختيار الموضوع، وكلي أمل ورجاء أن أكون قد وفقت في الاختيار والعرض ولو بعض التوفيق، والكمال لله وحده، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين.

الهوامش

[1] سورة العلق الآيات 1-5.

[2]  سورة القلم الآية 1.

[3]  سورة الرحمن الآيتان 3-4.

[4] سورة العلق الآيتان 4-5.

[5] الميزان في تفسير القرآن ج19ص367-368.

[6]  سورة ق الآية 37.

[7] كتابه (تجربة قلم: حكايتي مع القراءة وقصتي مع الكتابة) الطبعة الأولى 1432هـ 2011م، مطابع الرجاء بالخبر، ص8، المقدمة.

[8]  وذلك في مقدمة كتابنا (ينابيع الفكر) الطبعة الأولى 1434هـ 2013م، منشورات نبأ لرعاية الإبداع، ص8-9.

[9] وقد نشر هذا المقال على صفحة (حوار مفتوح) من جريدة اليوم العدد 6414 الصادر يوم الأحد 20 جمادى الآخرة 1441هـ الموافق 6 يناير 1991م.

[10] من مقالته (الارتقاء بالقراءة) المنشورة في قسم المقالات من موقعه بتاريخ يوم الثلاثاء 18 شعبان 1440هـ 23 أبريل 2019م.

[11]  تجربة قلم، ص21-22، وحوار الأستاذ ناصر المشرف مع سماحته، الجزء الثالث، وهو منشور في موقعه، قسم (حوارات ومقابلات-حوارات مع مجلات وصحف) بتاريخ يوم الأحد 17 رمضان 1441هـ 10 مايو 2020م.

[12]  تجد كل هذه الأحاديث وغيرها مما هو على شاكلتها في ج6ص156-157 من (ميزان الحكمة) لمحمد الري شهري، دار إحياء التراث العربي، بيروت-لبنان، الطبعة الثالثة 1431هـ 2010م.

[13]  ذكر الشيخ اليوسف هذه الفوائد في مقالته (الارتقاء بالقراءة) مع التعليق المختصر على كل فائدة، وقد نقلنا بعضها بالنص، وبعضها بتعبيرنا الخاص.

[14]  والجزء الثالث من هذا الحوار، منشور -كما أشرنا- في موقعه، قسم (حوارات ومقابلات-حوارات مع مجلات وصحف) بتاريخ يوم الأحد 17 رمضان 1441هـ 10 مايو 2020م، وأما الجزء الرابع فمنشور في القسم نفسه بتاريخ يوم الجمعة 22 رمضان 1441هـ 15 مايو 2020م.

[15] وهذا على نحو الاستظهار منا من التقرير الذي كتبه الأستاذ حسين منصور الشيخ في تغطيته لهذه المحاضرة، والمنشور في قسم (كتّاب الموقع) من موقع الشيخ اليوسف بتاريخ يوم الجمعة 6 ذو الحجة 1431هـ 12 نوفمبر 2010م.

[16]  وذلك في الجزء الثالث من حوار الأستاذ ناصر المشرف معه.

[17]  سورة القلم الآية 1.

[18]  تجربة قلم، ص 26-27.

[19]  نقل الشيخ اليوسف هذا الحديث من أمالي الشيخ الطوسي، مؤسسة البعثة، قم، الطبعة الأولى 1414هـ، ص521، رقم56.

[20]  نقله من العلم والحكمة في الكتاب والسنة، لمحمد الري شهري، مؤسسة دار الحديث الثقافية، قم، ص52.

[21]  نقله من أصول الكافي للشيخ الكليني، ج1ص52، رقم9.

[22]  تجربة قلم، ص27-28، والجزء الرابع من حوار الأستاذ ناصر المشرف مع سماحته.

[23]  ذكرنا هذه الحادثة بتعبيرنا الخاص، ويمكنك الوقوف على نص ما قاله الشيخ اليوسف في نقله لها في ص28-29 من كتابه (تجربة قلم) وفي الجزء الثالث من حوار الأستاذ ناصر المشرف معه.

[24] الإمام الهادي: قراءة تحليلية للسيرة الفكرية والسياسية في حياة الإمام الهادي عليه السلام، دار الهادي، بيروت-لبنان، الطبعة الثانية 1425هـ 2004م، ص11-12، المقدمة.

[25]  لكي تكون كاتبا ناجحا، لعلي محمد عساكر، ص7-8، نسخة بالكمبيوتر.

[26]  لكي تكون كاتبا ناجا ص9-10.

[27]  ليس بالضرورة أن تكون المصادر فعلا قليلة، خصوصا إلى الحد الذي وصفه الشيخ اليوسف في هذه القصة، ولكن لعله هو لم تتوفر لديه تلك المصادر، التي تحتاج إلى المزيد من البحث والتتبع، خصوصا وأنه كان حينها في العشرينات من عمره، ولم يملك من الخبرة والمعرفة بأماكن المصادر وتواجدها، ولا من القدرة على جمعها وتوفيرها ما يملكه الآن.

[28] انظر (السيرة الذاتية المختصرة لسماحة العلامة الشيخ د. عبد الله أحمد اليوسف) للأستاذ علي المحمد علي، في موقع سماحة الشيخ عبد الله اليوسف.

[29] هذا حسب ما هو مذكور في (السيرة الذاتية المختصرة لسماحة العلامة الشيخ د. عبد الله أحمد اليوسف) للأستاذ علي المحمد علي، في موقع سماحة الشيخ عبد الله اليوسف، وقد ذكر الأستاذ علي المحمد علي أسماء هذه الكتب المترجمة، وكل كتاب واللغة التي ترجم إليها.

[30]  وهذا بحسب إفادة الشيخ اليوسف نفسه.

[31]  لمعرفة بعض الذين قرظوا بعض كتبه، وقدموا لها، والوقوف على بعض ما قالوه في تلك التقديمات والتقريظات، انظر الجزء الخامس من حوار الأستاذ ناصر المشرف مع سماحته، وهو موجود في قسم (حوارات ومقابلات-حوارات مع صحف ومجلات) من موقع سماحته.
اضف هذا الموضوع الى:
كاتب وأديب معروف - مدينة الجفر- الأحساء