الشيخ عبدالله اليوسف: المنتج المجدد
الأستاذ محمد المبارك * - 1 / 2 / 2025م - 8:15 م

عندما يحاول أن يتكلم أو يكتب الأقل لمن هو أعلى منه ينتابه الحذر محاولاً التدقيق فيما يتكلم أو يكتب ويتحرى الصدق دائماً.

فقد طلب مني الأصدقاء الكتابة عن هذه القامة العلمية ألا وهو سماحة العلامة الشيخ الدكتور عبدالله بن أحمد اليوسف (حفظه الله تعالى) والحقيقة أنني أتصاغر أمام هذه القامة؛ فالشيخ (أيده المولى الكريم) أكبر من أن يكتب عنه واحد مثلي، فقد سخَّر نفسه لخدمة دينه ومجتمعه منذ ولادته في مسقط رأسه في محلة الحلة في القطيف في شرق المملكة العربية السعودية عام 1383هـ - 1964م، وهو من الفضلاء القلائل الذين جمعوا بين العلم الحوزوي والأكاديمي وقد حاز على الشهادات الأكاديمية حتى الدكتوراة (التي حصل عليها من جامعة المصطفى العالمية بقم المقدسة عام 1432هـ- عن رسالته العلمية المعنونة «سيرة الامام الرضا : دراسة تحليلية للسيرة الأخلاقية والعلمية والسياسية للإمام الرضا ».

وسيرة سماحة الشيخ مليئة بالنتاج الطيب سواء على مستوى الدراسة والتدريس أو الإجازات العلمية أو أخلاقه وصفاته وأنشطته الثقافية والاجتماعية والمؤلفات ... إلخ.

ولضيق المقام سنختصر على ذكر بعض الأساتذة وبعض من لديه وكالة منه؛ وكالة شرعية وبعض الذين أجازوه في الرواية.

فقد كان سماحته يسافر في بعض الفترات لحضور البحث الخارج عند بعض العلماء منهم على سبيل المثال:

1- آية الله العظمى السيد صادق الشيرازي.

2- آية الله العظمى الشيخ محمد فاضل اللنكراني.

3- آية الله السيد أحمد المددي.

4- آية الله السيد محمد رضا الشيرازي.

وممن لديه وكالات شرعية وإجازات في الرواية منهم:

1- آية الله العظمى السيد محمد سعيد الحكيم.

2- آية الله العظمى السيد صادق الشيرازي.

3- آية الله العظمى الشيخ ناصر مكارم الشيرازي.

4-آية الله العظمى السيد محمد الحسيني الشيرازي.

5- آية الله العظمى السيد محمد الحسيني الشاهرودي.

6- آية الله العظمى الشيخ لطف الله الصافي الكلبايكاني.

7- آية الله العظمى الشيخ حسين النوري الهمداني.

8- آية الله العظمى الشيخ حسين بشير النجفي.

وهنا أتوقف بإطلالة سريعة على شيء من صفات الشيخ وأخلاقه وبعض من أنشطته الثقافية والاجتماعية والدينية، وسماحة الشيخ كبقية أقرانه من أهل العلم والفضل صاحب فضيلة وتواضع وربما من عاشره عن قرب يعرفه أكثر، وهو صاحب كرم ولاسيما في الجانب الثقافي فقد قال لي أحد الأصدقاء بأنه زار الشيخ فلمس منه هذا الكرم وهذا السخاء فعندما أراد الخروج من عنده حمله بكثير من الكتب والمؤلفات كهدية منه.

وأما من ناحية النشاطات فمنها؛ تدريس العلوم الشرعية، وإلقاء المحاضرات الدينية والثقافية، وساهم ورعى العديد من الأنشطة الخيرية والتطوعية، وكذلك المشاركة في المحاضرات والندوات على القنوات الفضائية المختلفة.

ومن نشاطه الديني إمامة الجماعة في مسجد الامام الهادي بالحلة من عام 1410هـ وحتى عام 1430هـ، وإمامة الجماعة في مسجد الرسول الأعظم - بالحلة من عام 1430هـ وإلى الوقت الحاضر.

المؤلفات

يعتبر سماحة الشيخ اليوسف من المكثرين في ميدان التأليف والمؤلفات فقد كتب ما يربو على أكثر من ثمانين مؤلفاً البعض منها ترجم إلى لغات أخرى (كاللغة الآذرية والتركية والسواحلية والانجليزية والفارسية والفرنسية والروسية والهندية والأوردية والبنغالية والتايلندية).

علماً بأن مكتبتي الخاصة تضم من مؤلفات الشيخ اثني عشر كتاباً من كتبه القيمة ولا يسع المقام هنا لذكر الكل فنكتفي بذكر البعض وتسليط الضوء على اثنين أو ثلاث منها:

1- العنف الأسري (دراسة منهجية في المسببات والنتائج والحلول).

2- التطوع في سيرة الأنبياء والأئمة .

3- أخلاقيات الرسول الاعظم مع المرأة.

4- المرجعية المتميزة: السيد أبو الحسن الموسوي الأصفهاني (أنموذجاً).

5- العلامة الشيخ ميثم البحراني: رجل العلم والأخلاق والسياسة.

6- الشخصية الناجحة.

7- الصعود إلى القمة.

8- المرأة في زمن متغير.

وكما أشرتُ سابقاً سأكتفي بالحديث عن ثلاث كتب لضيق المقام، ونبدأ بالكتاب الأول:

أولًا-العنف الأسري

هذا الكتاب يعتبر أطروحة دكتوراة في علم الاجتماع، والكتاب يتكون من 366 صفحة من القطع المتوسط المجلد ، ط - دار المحجة البيضاء ، بيروت.

 وقد قُسم الكتاب إلى سبعة فصول:

الفصل الأول، في منهج دراسة العنف الاسري، والثاني في ظاهرة العنف الأسري وأنواعه ويتسلسل حتى يصل إلى الفصل السابع الذي خصصه المؤلف في (حتى لا يقع العنف الأسري).

وقد أجاد المؤلف الشيخ في أطروحته، إذ سلط الضوء على كثير من القضايا المهمة في العنف الأسري من مثل فئات العنف الأسري ومواصفاته ومسبباته ونتائجه وغيرها.

والجدير ذكره هنا أن المؤلف تابع بشكل جيد بالأرقام حول العالم العنف ضد المرأة ولاسيما في الدول غير الإسلامية ومن خلال مصادر ودراسات موثقة وهذا يسجّل ويحسب له.

وأخيراً يخرج المؤلف الشيخ بتوصيات ونتائج لدراسة الحد من هذا العنف منها: الإرشاد الديني ونشر الثقافة الزوجية وتصحيح بعض المفاهيم المغلوطة.

ثانيًا- التطوع في سيرة الأنبياء والأئمة

كتاب من القطع الوسط يضم بين دفتيه 80 صفحة طُبع عام 1432هـ - دار المرتضى - بيروت، وهذا الكتاب في الحقيقة قيم وفكرته سبَّاقة لأني لم أرَ كتاباً تناول نفس الموضوع.

 
وصدَّر المؤلف الكتاب بالمقدمة التي يتناول فيها نهجه في سير الكتاب ويطلعنا على أنه رصد في فصله الأول ما ورد في القرآن الكريم من تطوع الأنبياء بصورة موجزة، وفي الفصل الثاني شيء من سيرة أهل البيت في العمل التطوعي.

ومن ثم جاء لمفهوم تطوع الأنبياء في القرآن الكريم وبدأ بعدها بالأمثلة بكفالة نبي الله زكريا   لمريم بنت عمران وختمها بتطوع النبي الأعظم في العبادات.

وعرَّج في الفصل الثاني كما أسلفنا على الأئمة والعمل التطوعي بدءاً بالإمام علي وختمها بالإمام العسكري لينتهي الكتاب بعدها بخاتمة القول.

ثالثًا-دور المرأة في النهضة الحسينية

وهو كتاب من القطع الوسط يضم 50 صفحة طباعة مؤسسة البلاغ عام 1432هـ  - 2011م  وكما هو المعتاد بدأه بالمقدمة التي تناول فيها دور المرأة الإنساني بشكل عام ودورها في السيرة الحسينية بشكل خاص وما بعدها ودورها الإعلامي في توعية الرأي العام وركَّز في ذلك على ذكر خمس نساء كان لهن الدور الأكبر في إبراز دور النهضة الحسينية المباركة.

 والخمس نساء هن:

1- الحوراء زينب .

2- زوجة زهير بن القين.

3- مارية بنت منقذ العبدية.

4- طوعة مستقبلة مسلم بن عقيل.

5- أم وهب (قمر بنت عبدالله زوجة عبدالله بن عمير الكلبي، وهي أول امرأة شهيدة في كربلاء).

لا شك أن الكتاب قيم في مضمونه ومحتواه حيث يعرِّف بهذه النسوة اللاتي كان لهن الدور الفعال والبارز في النهضة الحسينية المباركة.

لا يسعني في نهاية المطاف إلا أن أدعو المولى الكريم أن يحفظ هذا الشيخ العالم العامل المنتج المجدد، وأن نرفع أكف الدعاء له على ما قدَّم ولا يزال يقدم للعالم الإسلامي من محاضرات وندوات ومؤلفات ردف بها الفكر والثقافة، فهنيئاً له بهذا الجود والعطاء، وجعله في ميزان أعماله.

اضف هذا الموضوع الى:
كاتب وباحث من المبرز - الأحساء، له عدة كتب مطبوعة ومقالات منشورة في الصحف المحلية.