أربعون عاماً من العطاء الثقافي: الدكتور عبدالله اليوسف أنموذجًا
الأستاذ حسن الخاطر * - 29 / 6 / 2024م - 9:15 م

ساهم النشر الثقافي بشكل كبير في تطور الحضارة الإنسانية على جميع الأصعدة. فمنذ معرفة الإنسان بالكتابة قبل نحو ستة آلاف سنة وحتى هذه اللحظة التي نعيشها الآن، وحضارتنا في نمو معرفي تصاعدي. لقد استخدمت أدوات النشر الثقافي بحسب إمكانيات العصر المتواجدة فيه.

ففي العصور القديمة كانت تدور حول الكتابة على الصخور وجلود الحيوانات بعد أن يتم تجفيفها، وخلال العقود الماضية شهد النشر الثقافي قفزة كبيرة وأصبح أكثر اتساعًا وانتشارًا، مما كان له انعكاسات إيجابية للتواصل مع الجمهور؛ وهذا الشيء حدث نتيجة التطور التقني الذي طرأ على الكمبيوتر، وأصبح النشر الثقافي يعتمد بالدرجة الأولى في عصرنا الحالي على التقنيات الرقمية والافتراضية.

وفي الوقت الحالي، ظهر في عالمنا العربي العديد من المهتمين بالنشر الثقافي، أحد أولئك الذين ساهموا بشكل فعّال في إثراء المكتبة العربية، الدكتور عبد الله اليوسف، والذي استمر لمدة أربعين سنة متواصلة في هذا الحقل، قدّم خلالها أكثر من ثمانين كتابًا ورقيًا، والعديد من الكتب الصوتية، إضافة إلى ما يقرب من ألف محاضرة صوتية. علاوة على ذلك، فإنه لم يقتصر في تواصله مع الجمهور على اللغة العربية فحسب، بل اهتم بالتواصل مع أكبر شريحة من الجمهور غير العربي، وقام بترجمة العديد من كتبه إلى لغات عديدة بما فيها اللغة الإنجليزية.

تضمن النشر الثقافي الذي اهتم به الدكتور عبد الله اليوسف موضوعات عديدة مهمة اهتمت بالجانب الأخلاقي والاجتماعي وتطوير الذات وما هو أكثر من ذلك.

وهذا المشروع الثقافي يمثل بوصلة يستفيد منها الشباب في معرفة الاتجاه الصحيح. والاهتمام بهذه الفئة نظرًا لما تشكّله من نسبة كبيرة وأهميتها في المجتمع.

وإضافة إلى ذلك، فقد تميزت كتابات الدكتور اليوسف ببعدها الاجتماعي القوي، وعمقها المعرفي ولغتها البسيطة والموجزة، وكان حريصًا على نشرها في جميع قنوات التواصل الاجتماعي.

ومن الملاحظ عندما نتصفح هذه القنوات نجد وجود تحديثات باستمرار وخلال فترة زمنية قصيرة؛ وهذا يدل على استدامة العطاء الثقافي، وكما تقول الحكمة الشهيرة: (الحفاظ على النجاح أصعب من النجاح نفسه).

وعلاوة على ذلك، فإن الدكتور اليوسف يتميز بعطائه الثقافي المتجدد والذي لا يعرف النضوب، وهذا الشيء نلاحظه بوضوح عندما نقرأ كتبه أو نستمع ونشاهد إلى ما ينشره على قنوات التواصل الاجتماعي. فالموضوعات التي ينشرها متجددة باستمرار وتتماهى مع ثقافة هذا العصر.

وهذا الشيء كان له انعكاسات إيجابية في الزخم الكبير لفئة الشباب بتنوع تخصصاتهم من مدرسين ومهندسين وأطباء وغيرهم، والتي نشاهدها حاضرة في مجلسه الأسبوعي دائمًا.

وعلى الرغم من وجود العديد من التحولات السريعة خلال هذه العقود الأربعة الماضية، التي طرأت على النشر الثقافي؛ والتي سببت وجود تحديات على الناشرين، إلا أنه تمكن من تجاوز هذه الصعوبات وأصبح أحد أقطاب العلماء الناشرين إلى الثقافة في العالم العربي.

حقًا لقد كان الدكتور عبد الله اليوسف أنموذجًا حقيقيًا في العطاء الثقافي.

 

اضف هذا الموضوع الى:
باحث وكاتب - القطيف ، له عدة مؤلفات مطبوعة، ومقالات منشورة في الخيال العلمي وعلم المستقبليات.